صفحة جزء
824 - وعن أنس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر ، رضي الله عنهم ، كانوا يفتتحون الصلاة بـ الحمد لله رب العالمين ، رواه مسلم .


824 - ( وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبا بكر ، وعمر ، كانوا يفتتحون الصلاة بـ " الحمد لله رب العالمين ) : معناه أنهم يسرون بالبسملة كما يسرون بالتعوذ ، ثم يجهرون بـ " الحمد لله " ، وفي شرح السنة : أول الشافعي الحديث بأن معناه كانوا يبتدئون الصلاة بقراءة الفاتحة قبل السورة ، وليس معناه أنهم كانوا لا يقرءون بسم الله الرحمن الرحيم كما يقال : قرأت البقرة ، وفي أخرى له : فكانوا يستفتحون بـ " الحمد لله رب العالمين " لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءته ، ولا في آخرها ، وزاد ابن حجر بينه ما صح عن أنس نفسه كما قاله الدارقطني والحاكم وغيرهما ، أنه كان يجهر بالبسملة ، ويقول : لا آلو أن أقتدي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، قلت : هو على فرض صحته معارض بما هو أصح ، فلا يلتفت إليه أو محمول على تلونه واضطرابه ، فإنه صح عنه بعبارات مختلفة المعاني ، ومن جملتها أنه قال : كبرت ونسيت ، وأنه سئل أكان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بـ ( الحمد لله رب العالمين ) أو بـ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، فقال : إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه وما سألني عنه أحد قبلك ، وعلى تقدير ثبوت الجهر يحمل على بيان الجواز أو على الإعلام تعليما كما في سماع القراءة أحيانا في الصلاة السرية ، ويرد هذا التأويل ما أخرجه مسلم عن أنس بلفظه أيضا : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، قال ابن الهمام : لم يرد نفي القراءة ، بل السماع للإخفاء بدليل ما صرح به عنه ، فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ، رواه أحمد والنسائي بإسناد على شرط الصحيح ، وأغرب ابن حجر بقوله : أنه معارض بما رواه الترمذي ، عن ابن عباس : كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم اهـ ، فإنه غير معارض له إذ المراد بالإثبات إخفاؤها ، وبالنفي جهرها ، وعلى تقدير التنزيل في إقامة المعارضة كيف تعارض رواية الترمذي التي لم يعرف صحتها حديث الشيخين وغيرهما ، وقد قال ابن الجوزي : لم يصح عنه عليه السلام في الجهر شيء ، وأما ما أجاب بعض الشافعية عن روايتي مسلم بأن كلا منهما رواية للفظ الأول [ ص: 686 ] بالمعنى الذي عبر عنه الراوي بما ذكر بحسب فهمه ، ولو بلغ الغير بلفظه كما في البخاري لأصاب فهو طعن في غير محله ، فإنه لو انفتح هذا الباب انسد باب الخطاب ، ثم يقال : من أين لك أن رواة البخاري نقلوا باللفظ ، ورواة طريق مسلم نقلوا بالمعنى ، مع أن الإسنادين أقوى من إسناد واحد ، وزيادة الثقة مقبولة إجماعا فتأمل فإنه محل زلل ( رواه مسلم ) .

قال ميرك : حديث أنس هنا أخرجه البخاري في باب : ما يقول بعد التكبير بهذا اللفظ بلا تفاوت حرف ، فالأولى للمصنف أن يقول في آخره متفق عليه واللفظ للبخاري تأمل اهـ ، وقال ابن حجر : رواه مسلم ، وكذلك البخاري ولفظه عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، وعمر يفتتحون الصلاة بـ ( الحمد لله رب العالمين ) اهـ ، فكان حقه أن يقول : متفق عليه ، ولفظه لمسلم ، بل لم يكن حاجة إلى قوله : ولفظه لمسلم ؛ لأن مثل هذا الخلاف لا يخرجه عن حيز الاتفاق ، وإنما يذكر الاختلاف اللفظي إذا كان هناك اختلاف معنوي في الجملة .

التالي السابق


الخدمات العلمية