صفحة جزء
1162 - وعن عبد الله بن شقيق رضي الله عنه ، قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن تطوعه ، فقالت : كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا ، ثم يدخل فيصلي ركعتين ، وكان يصلي بالناس المغرب ، ثم يدخل فيصلي ركعتين ، ثم يصلي بالناس العشاء ، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين ، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر ، وكان يصلي ليلا طويلا قائما ، وليلا طويلا قاعدا ، وكان إذا قرأ قاعدا ركع وسجد وهو قاعد ، وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين . رواه مسلم . وزاد أبو داود : ثم يخرج فيصلي بالناس صلاة الفجر .


1162 - ( وعن عبد الله بن شقيق ) : تابعي ( قال : سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : ليلا ونهارا ما عدا الفرائض . ولذا قال ( عن تطوعه ) : قال الطيبي : عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كذا في صحيح مسلم ، وهذه العبارة ، يعني بلفظ ( عن ) أولى مما في المصابيح ، وهو قوله : من التطوع . اهـ . فتكون " من " بيانية والأولوية باعتبار الأصحية ، وإن كانت الرواية بالمعنى جائزة عند جمهور الأئمة ، سيما إذا لم يكن من لفظ النبوة . ( فقالت : كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا ) : هذا دليل لمختار مذهبنا أن المؤكدة قبلها أربع ، ( ثم يخرج فيصلي بالناس . ثم يدخل فيصلي ركعتين ) : ولعل وجه ترك العصر ; لأنها بصدد السنن المؤكدة ( وكان يصلي بالناس المغرب ثم يدخل ) ، أي : بيتي ( فيصلي ركعتين ، ثم يصلي بالناس العشاء ، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين ) : قال ابن الملك : فيه دليل على استحباب أداء السنة في البيت ، قيل : في زماننا إظهار السنة الراتبة أولى ليعلمها الناس . اهـ .

أي : ليعلموا علمها ، أو لئلا ينسبوه إلى البدعة ، ولا شك أن متابعة السنة أولى مع عدم الالتفات إلى غير المولى .

( وكان ) ، أي : أحيانا ( يصلي من الليل ) ، أي : بعض أوقاته وساعاته ( تسع ركعات ) : قال ابن حجر : أي تارة ، وإحدى عشرة تارة وأنقص تارة . اهـ .

وجاء في مسلم : ثلاث عشرة ، كما سيأتي ( فيهن ) ، أي : في جملتهن وعقبهن ( الوتر ) : قال ابن الملك : قيل : الوتر والتهجد سواء ، وقيل الوتر غير التهجد ، فإذا صلى أحد أكثر من ثلاث عشرة ركعة ، فهل جميعها وتر أم ركعة واحدة والباقي صلاة الليل ؟ فالمفهوم من الأحاديث الواردة في الوتر أن جميعها وتر ، وليس صلاة الليل غير الوتر إلا في حق من صلى الوتر قبل ثم نام وقام وصلى ، فإن ذلك حينئذ صلاة الليل . اهـ .

وهو خلاف المذهب ، فإن الوتر غير التهجد ; لأن الأول واجب منحصر في ثلاث ركعات بسلام واحد عندنا ، غير مقيد بوقت من آخر الليل أو أوله بشرط وقوعه بعد العشاء ، سواء بعد نوم أو قبله ، إلا أن الأفضل تأخيره إلى آخر الليل لمن يثق بالانتباه لقوله - عليه السلام - : " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " ، وأما الثاني : فسنة بالاتفاق وهو مقيد بآخر الليل مطلقا ، أو بنوم قبله ، أما الأحاديث فسيأتي بيانها مفصلا إن شاء الله تعالى . ( وكان يصلي ليلا طويلا ) ، أي : زمانا طويلا من الليل ( قائما وليلا طويلا قاعدا ) : قال في المفاتيح . : يعني يصلي صلاة كثيرة من القيام والقعود ، أو يصلي ركعات مطولة في بعض الليالي من القيام ، وفي بعضها من القعود . ( وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم ) ، أي : لا يقعد قبل الركوع . قاله ابن حجر ، وقال الطيبي ، أي : ينتقل من القيام إليهما ، وكذا التقدير في الذي بعده ، أي ينتقل إليهما من القعود . ( وكان إذا قرأ قاعدا ركع وسجد وهو قاعد ) ، أي : لا يقوم للركوع . كذا في المفاتيح .

قال الطحاوي : ذهب قوم إلى كراهة الركوع قائما لمن افتتح الصلاة قاعدا ، وخالفهم آخرون فلم يروا به بأسا . قلت : لأنه انتقال إلى الأفضل ، قال : وحجتهم ما روي بأسانيد عن عائشة ، أنها لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعدا قط حتى أسن ، فكان يقرأ قاعدا حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوا من ثلاثين آية ، أو أربعين آية ، ثم ركع " . ففي هذا الحديث أنه كان يركع قائما ، فهو أولى لأنه أثبت الركوع قائما ، ومن أثبت الركوع قاعدا لا ينفي هذا ; لأنه قد يفعل الركوع قاعدا في حال وقائما في حال ، وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله تعالى ( وكان إذا طلع الفجر ) ، أي : ظهر الصبح ( صلى ) وفي نسخة يصلي ( ركعتين ) ، أي : خفيفتين كما تقدم في سنن الصبح ( رواه مسلم ، وزاد أبو داود ) : قال ميرك : أشار بهذا إلى الاعتراض على الشيخ محيي السنة حيث أدرج هذه الجملة في حديث عائشة ، مع أنها لم تكن في واحد من الصحيحين . ( ثم يخرج فيصلي بالناس صلاة الفجر ) ، أي : فرض الصبح .

[ ص: 892 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية