1358 - ( وعن أبي بردة بن أبي موسى ، قال : سمعت أبي يقول ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في شأن ساعة الجمعة ) ، أي في بيان وقتها . ( هي ما بين أن يجلس الإمام ) ، أي : بين الخطبتين ، ويحتمل أن يريد بالجلوس عقب صعود الإمام المنبر . ( إلى أن تقضى ) : بالتأنيث ويذكر ( الصلاة ) ، أي يفرغ منها ، قال الطيبي : الظاهر أن يقال بين أن يجلس وبين أن يقضي ، إلا أنه أتى بإلى ليبين أن جميع الزمان المبتدأ من الجلوس إلى انقضاء الصلاة تلك السويعة ، وإلى هذه نظيره " من " في قوله : ( ومن بيننا وبينك حجاب ) ، فدلت على استيعاب الحجاب للمسافة المتوسطة ولولاها لم يفهم . ( رواه مسلم ) : وكذا أبو داود ، ذكره في الحصن ، ثم قال : ومن حين تقام الصلاة إلى السلام منها . رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، عن عمرو بن عوف المزني .
وروى الشيخان ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه كلهم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10358422فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه " . وأشار بيده يقللها ، وقيل : بعد طلوع الفجر ، وقيل : قبل طلوع الشمس ، وقيل بعد طلوع الشمس ، وذهب nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر الغفاري إلى أنها بعد زيغ الشمس بيسير إلى ذراع . رواه ابن المنذر ، nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر بإسناد قوي عنه ، قاله ميرك .
وحكى الغزالي في الإحياء أنها عند طلوع الشمس ، وقيل : من اصفرار الشمس إلى أن تغيب ، وهذا مختار [ ص: 1013 ] فاطمة ، والمقصود من ذكر الاختلافات مراعاة خصوص هذه الأوقات ، قال الجزري : والذي أعتقده أنها وقت قراءة الإمام الفاتحة في صلاة الجمعة إلى أن يقول آمين جمعا بين الأحاديث التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال النووي : والصحيح ، بل الصواب ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي موسى ، أي المتقدم ذكره ، ويؤيده ما نقله البيهقي عن مسلم : أن هذا أجود حديث وأصحه في ساعة الإجابة ، قال ميرك : وليس المراد من هذه الأقوال أنه يستوعبه جميع الوقت الذي عين ، بل المعنى أنها تكون في أثنائه لما في البخاري في آخر الحديث ، وأشار بيده يقللها ، وفي مسلم هي ساعة خفيفة اهـ .
ولا يخفى أن مختار النووي والجزري لا يفيد تعيين الساعة لاختلاف أوقات الخطبة ، وأزمنة الصلاة في مساجد المسلمين ، وأن ما قالاه من أحوال الإجابة لا من أوقاتها ، إلا أن يقال بأن الساعة تدور مع تلك الحالة ، أو يكون وقت خطبته - عليه الصلاة والسلام - مضبوطا كما يشير إليه قول أبي ذر ، لكن سيأتي أنه كان يعجل في البرد ، ويؤخر في الحر والله أعلم .
ثم رأيت بعض المتأخرين من الشافعية اعترض على تصويب النووي ، وقال : أما خبر أنها من العصر إلى الغروب فضعيف ، وخبر أنها من حين تقام الصلاة إلى الانصراف ضعيف أيضا ، وإن حسنه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، وأما ما صح في حديث : من التماسها آخر ساعة بعد العصر ، فيحتمل أن هذه الساعة منتقلة تكون يوما في وقت ويوما في آخر ، كما هو المختار في ليلة القدر اهـ .
ويؤيده ما قاله الغزالي في الإحياء أنها تدور على الأوقات المذكورة في الأحاديث ، وبه تجتمع ، فيوما تكون بين أن يجلس الإمام إلى أن ينصرف ، ويوما من حين تقام الصلاة إلى السلام ، ويوما من العصر إلى الغروب ، ويوما في آخر ساعة من اليوم . ورجح المحب الطبري القول بالانتقال ، ولصحة الخبر بكونها آخر ساعة بعد العصر حكى إجماع الصحابة عليه ، وذهب إليه جماعة ممن بعدهم ، ونقل عن نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وفيها أقوال أخر تبلغ الخمسين كما في ليلة القدر ، لكن قال العسقلاني : ما عدا القول بأنها ما بين جلوس الإمام وسلامه ، والقول بأنها آخر ساعة من يومها إما ضعيف الإسناد ، أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف ، وطريق تحصيلها بيقين أن ينقسم جماعة يوم الجمعة ، فيأخذ كل منهم حصة منه يدعو فيها لنفسه ولأصحابه ، أو بأن يلزم قلبه استحضار الدعاء من فجرها إلى غروب شمسها ، وقد سئل البلقيني : كيف يدعو حال الخطبة وهو مأمور بالإنصات ؟ فأجاب : ليس من شرط الدعاء التلفظ ، بل استحضاره لقلبه كاف ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وبلغني أن الدعاء يستجاب ليلة الجمعة أيضا والله أعلم .