صفحة جزء
1435 - وعن البراء - رضي الله عنه - قال : خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر فقال : إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ، ثم نرجع فننحر ، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ، ومن ذبح قبل أن نصلي ، فإنما هو شاة لحم ، عجله لأهله ليس من النسك في شيء . متفق عليه .


1435 - ( وعن البراء قال : خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر ) أي : في المدينة . ( فقال ) أي : في خطبته . ( إن أول ما نبدأ ) : بصيغة المتكلم . ( به في يومنا هذا أن نصلي ) : قال ابن حجر : الأجود أن تكون ( أن ) ومدخولها اسم ( إن ) اهـ . وهو مخالف لما في الأصول المعتمدة من نصب أول الموافق للمتبادر ، ثم الجمع بين الأول ، وما نبدأ به للتأكيد والمبالغة . ( ثم نرجع فننحر ) : بالنصب فيهما ويرفعان . قال ابن حجر : والمراد بالنحر هنا الذي هو في لبة الإبل ما يشمل الذبح ، وهو ما في الحلق مطلقا ، والتقدير : أن نصلي صلاة العيد المستتبعة للخطبتين ، وبهذا يندفع قول الكرماني : في الحديث دلالة على أن الخطبة قبل الصلاة أي : لأن قوله في الخطبة : أول ما نبدأ به . إلخ مشعر بتقديم الخطبة ، لكن عند التأمل لا دلالة فيه لذلك ; لأن الواقع أنه - عليه الصلاة والسلام - صلى ، ثم خطب فقال ذلك في خطبته ، فهو للإعلام بأن ما فعله من تقديم الصلاة ثم الخطبة ، وأن تقديم كل من هذين على الذبح هو المشروع الذي لا ينبغي مخالفته . ( فمن فعل ذلك ) أي : ما ذكر من تقديم الصلاة والخطبة على الذبح . وقال ابن حجر : أي : الصلاة مع الخطبتين ، وفيه أنه لا يحسن حينئذ التقابل بين الشرطيتين كما لا يخفى ، ثم قال : أي : مضى عليه قدر فعل ذلك بأخف ممكن ، وفيه أن هذا لا يصلح أن يكون تفسيرا لقوله - عليه الصلاة والسلام - ; لأنه لا شك أنه محمول على المعنى الحقيقي ، فإنه مع صحته لا يجوز حمله على المعنى المجازي ، وأما اعتبار المجازي بالقياس على الحقيقي فأمر آخر ، وهو لا يصح عند الجمهور خلافا للشافعي . ( فقد أصاب سنتنا ) أي : طريقتنا ، وصادف شريعتنا ، في شرح السنة : هذا الحديث يشتمل على بيان وقت الأضحية ، فأجمع العلماء على أنه لا يجوز ذبحها قبل طلوع الفجر من يوم النحر . ثم ذهب جماعة إلى أن وقتها يدخل إذا ارتفعت الشمس قدر رمح ومضى بعده قدر ركعتين وخطبتين خفيفتين اعتبارا بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإن ذبح بعده جاز سواء صلى الإمام أو لم يصل ، فإن ذبح قبله لم يجز سواء كان في المصر أو لم يكن ، وهو مذهب الشافعي ، ويمتد وقت الأضحية إلى غروب الشمس من آخر أيام التشريق ، وبه قال الإمام الشافعي . وذهب جماعة إلى أن وقتها إلى يومين من أيام التشريق أي : وهو آخر أيام النحر ، وإليه ذهب أصحاب أبي حنيفة ذكره الطيبي . قال ابن حجر : ومن هذه الأحاديث أخذ أصحابنا أن وقت الأضحية إذا مضى عقب طلوع الشمس بناء على دخول وقت العيد به ، وهو المعتمد عندنا ، أو بعد ارتفاعها كرمح على أنه لا يدخل إلا به ، وهو ما عليه الأكثرون ، بل قال الإمام : اتفق الأئمة عليه اهـ .

وفي صحة كون هذه الأحاديث مأخذهم نظر ظاهر إذ لا دلالة فيها أصلا ، ولا شك في حمل فعله - عليه الصلاة والسلام - على ما اتفق عليه الأئمة ، هذا وأجمعوا على أنه لا يصلي قبل الشروق . وقال ابن الملك : ذهب أبو حنيفة إلى أن الأضحية واجبة ، ووقتها بعد صلاة الإمام في حق المصري ، وعند الشافعي أنها سنة ، والجمهور على أنه لا يجوز الذبح قبل طلوع الفجر من يوم النحر ، ورخص بعضهم ذلك لأهل القرى اهـ . وقال ابن حجر : ولا يعتد بالذبح قبل فجر النحر إجماعا اهـ .

وظاهر الحديث حجة على الشافعي ، ودليل لأبي حنيفة ، ومالك ، وأحمد ، في شرط صحة الأضحية أن يصلي الإمام ويخطب ، ويؤيدهم قوله - عليه الصلاة والسلام - تصريحا بما علم ضمنا ومنطوقا بما فهم مفهوما . ( ومن ذبح قبل أن نصلي ، فإنما هو ) أي : المذبوح المفهوم من ذبح . ( شاة لحم ) قال الطيبي : الإضافة للبيان كخاتم فضة ، [ ص: 1068 ] أي : شاة هي لحم ، والتعبير بالشاة للغالب ; إذ البقر والإبل كذلك . ( عجله لأهله ) : فإن الشاة شاتان : شاة يؤكل لحمها ، وشاة نسك يتصدق بها لله تعالى . ( ليس من النسك ) : بضمتين أي : ليس من شعائر الله تعالى التي فيها الثواب . ( في شيء ) : وفيه من المبالغة والتأكيد ما لا يخفى على الرأي السديد . ( متفق عليه ) رواه الأربعة قاله ميرك .

التالي السابق


الخدمات العلمية