1552 - ( وعن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من توضأ فأحسن الوضوء ) أي : أتى به كاملا ، وأما قول ابن حجر : أي : أتى به صحيحا فغير صحيح ; لأن من لم يأت به صحيحا لا يقال له في الشرع : إنه توضأ . ( وعاد أخاه المسلم ) : ولعل الأمر بالطهارة للعيادة ; لأنها عبادة بنقطة زيادة ، والزيادة على رعاية صاحب العيادة ، فيكون جامعا بين الامتثال لأمر الله ، والشفقة على خلق الله . وقال الطيبـي : فيه أن الوضوء سنة في العبادة ; لأنه إذا دعا على الطهارة كان أقرب إلى الإجابة . وقال زين العرب : ولعل الحكمة في الوضوء هنا أن العيادة عبادة ، وأداء العبادة على وجه الأكمل أفضل ، هذا وهو حجة على الشافعية على ما ذكره ابن حجر من أنه لا يسن الوضوء لعيادة المريض ، ثم قال : والاعتذار عمهم باحتمال أنهم لم يروا هذا الحديث بعيدا مع كون السنة بين أعينهم . أقول : سبحان الله ! يستبعد أن فقهاء الشافعية لم يروا مثل هذا الحديث ، ويجوز كما تقدم عنه في مواضع أن الأحاديث الصحاح ما بلغت مثل أبي حنيفة ومالك وأحد أئمة الحديث والفقه أصولا وفروعا ، ولكن كما ورد : " حبك الشيء يعمي ويصم " . ( محتسبا ) أي : طالبا للثواب لا لغرض آخر من الأسباب . ( بوعد ) : ماض مجهول من المباعدة ، والمفاعلة للمبالغة . ( من جهنم مسيرة ستين خريفا ) أي : سنة . كما في رواية سمي بذلك لاشتماله عليه إطلاقا للبعض على الكل : قال الطيبـي : كانت العرب يؤرخون أعوامهم بالخريف ; لأنه كان أوان جدادهم وقطافهم وإدراك غلاتهم إلى أن أرخ عمر - رضي الله عنه - بسنة الهجرة اهـ . وتبعه ابن حجر مع اعتراضه عليه فيما سبق بما رددناه عليه .
والتحقيق أن الخريف على ما ذكر في القاموس وغيره كأمير ثلاثة أشهر بين القيظ والشتاء تخترف فيه الثمار ، وأرخ الكتاب وقته فقوله : كانوا يؤرخون أعوامهم بالخريف ، معناه أنهم يجعلون الخريف آخر سنتهم ، أو أولها لما علله ، أو المعنى أنهم كانوا يطلقون الخريف على العام جميعا لما تقدم ، وما الدخل فيه لتاريخ عمر - رضي الله عنه - بالهجرة ، فإن سببه أن العرب كانوا يؤرخون لمعرفة مضي مدة السنين بأمر غريب كان يقع في سنة من السنين كعام الفيل ، فغيره - رضي الله عنه - وجعل اعتبار التاريخ من سنة الهجرة ، واستمر الأمر على ذلك إلى تاريخ يومنا هذا ، والله أعلم . ( رواه أبو داود ) .