صفحة جزء
1804 - وعن عتاب بن أسيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في زكاة الكروم : " إنها تخرص كما تخرص النخل ، ثم تؤدى زكاته زبيبا ، كما تؤدى زكاة النخل تمرا " . رواه الترمذي وأبو داود .


1804 - ( وعن عتاب ) بفتح العين وتشديد الفوقية ( بن أسيد ) بفتح الهمزة وكسر السين ، أسلم يوم الفتح ، واستعمله - صلى الله عليه وسلم - على مكة ، وعمره نيف وعشرون سنة ، وأقره أبو بكر إلى أن مات بها يوم مات أبو بكر ، وكان من سادة قريش ، وهو المعني بقوله - تعالى - واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في زكاة الكروم ) أي في كيفية زكاتها ، وهي بضمتين جمع الكرم وهو شجر العنب ، قال ابن حجر : ولا ينافي تسمية العنب كرما خبر الشيخين : لا تسموا العنب كرما ، فإن الكرم هو المسلم ، وفي رواية : فإنما الكرم قلب المؤمن ، لأنه نهي تنزيه على أن تلك التسمية من لفظ الراوي ، فلعله لم يبلغه النهي ، أو خاطب به من لا يعرفه إلا به ، قال العلماء : إنما سمت العرب العنب كرما لكثرة حمله ، وسهولة قطفه ، وكثرة منافعه ، إذ هو فاكهة وقوت ، ويتخذ منه خل ودبس ، وغير ذلك ، والخمر كرم لأنها كانت تحثهم على الكرم ، فنهى الشرع عن تسمية العنب كرما لتضمنه مدحها ، فتتشوق إليها النفوس ، وكان اسم الكرم بالمؤمن وبقلبه أليق وأعلق لكثرة خيره ونفعه ، واجتماع الأخلاق والصفات الجميلة فيه . اهـ ، وفيه أن محل النهي إنما هو مظنة الاحتمالين ، وأما قول الراوي : بل الظاهر أنه كلامه - صلى الله عليه وسلم - في زكاة الكروم فليس من قبيل ذلك ( إنها تخرص ) أي تحزر وتخمن ( كما تخرص النخل ثم تؤدى زكاته ) أي المخروص ( زبيبا ) قال المظهر وتبعه ابن الملك : أي إذا ظهر في العنب والتمر حلاوة يقدر الحازر أن هذا العنب إذا صار زبيبا كم يكون ، فهو حد الزكاة إن بلغ نصابا ( كما تؤدى زكاة النخل تمرا . رواه الترمذي وأبو داود ) قال ميرك : والنسائي وابن ماجه أيضا ، كلهم من طريق سعيد بن المسيب عن معاذ ، قال أبو داود : لم يسمع من معاذ ولا أدركه ، وقال ابن حجر : الحديث حسنه الترمذي ، وصححه الحاكم وابن ماجه ، لكن بين النووي في مجموعه أنه من مراسيل ابن المسيب ، قلت : لا منافاة بين أن يكون الحديث مرسلا وسنده صحيحا ، أو حسنا ، وإنما الخلاف في الاحتجاج به إذا كان صحيحا أو حسنا ، فالجمهور يجعلون المرسل حجة ، والشافعي لا يجعله حجة ، إلا إذا اعتضد ، ثم قال النووي : والأصح فيها إنما يعتد بها إذا اعتضدت بإسناد أو إرسال من جهة أخرى ، أو يقول بعض الصحابة ، أو أكثر العلماء ، وقد وجد ذلك هنا ، ثم قال ما حاصله إن حكمة جعل النخل فيه أصلا مقيسا عليه أن خيبر فتحت الأول سنة سبع ، وبها نخل ، وقد بعث إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن رواحة فخرصها ، فلما فتح الطائف وبها العنب الكثير أمر بخرصه ، كخرص النخل المعروف عندهم ، ذكره صاحب البيان ، وهو الأحسن ، أو أن النخل كانت عندهم أكثر وأشهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية