أي : فعله تقربا إلى الله - تعالى - عن طوع ورغبة لا عن تكليف مرتب على رهبة ، والله أعلم .
الفصل الأول
2036 - ( عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : أحيانا ( يصوم ) أي : النفل متتابعا ( حتى نقول لا يفطر ) أي : أبدا ، قال التوربشتي : الرواية في نقول بالنون وقد وجدت في بعض النسخ بالتاء على الخطاب أي : معناها تقول أنت أيها السامع لو أبصرته ، ( والرواية ) أيضا بنصب اللام ، وهو الأكثر في كلامهم ، ومنهم من رفع المستقبل في مثل هذا الموضع ، وقال ابن الملك : ويجوز بياء الغائب أيضا أي : يقول القائل اهـ . وفيه تفكيك الضمير ، واختلف في تجويزه ، والأظهر عدم جوازه سيما في جملة واحدة من الكلام ( ويفطر حتى نقول لا يصوم ، nindex.php?page=hadith&LINKID=10359953وما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر قط ) هذا بمنزلة استثناء من الكلام السابق ( إلا رمضان ، وما رأيته في شهر أكثر ) ثاني مفعول رأيت والضمير في ( منه ) له - صلى الله عليه وسلم - ( صياما ) تمييز ( في شعبان ) متعلق بصام ، والمعنى : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم في شعبان وفي غيره من الشهور سوى رمضان ، وكان صيامه في شعبان أكثر من صيامه فيما سواه كذا ذكره الطيبي ، وقال بعض الشراح : قوله في شهر يعني به غير شعبان ، وهو حال من المستكن في أكثر ، وفي شعبان حال من المجرور في منه العائد إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أي : ما رأيته كائنا في غير شعبان أكثر صياما منه كائنا في شعبان ، مثل زيد قائما أحسن منه قاعدا ، أو كلاهما ظرف ، الأكثر الأول باعتبار الزيادة ، والثاني باعتبار أصل المعنى ، ولا تعلق له برؤيته ، وإلا يلزم تفضيل الشيء على نفسه باعتبار حالة واحدة ( وفي رواية قالت : كان يصوم شعبان كله ) قيل : أي في أول الأمر ( كان ) وفي نسخة وكان ( يصوم شعبان إلا قليلا ) قالالنووي : الثاني تفسير للأول ، وبيان قولها كله أي غالبه اهـ . وهو تأويل بعيد ، حمله عليه قولها في الرواية الأولى " قط إلا رمضان " وقيل : المراد أنه يصومه كله في سنة وأكثره في سنة أخرى فالمعنى على العطف اهـ . وهو أقرب لظاهر اللفظ ، وقيل : كان يصوم تارة من أوله وتارة من آخره وتارة بينهما ، قال الطيبي : ولفظ ( كله ) تأكيد لإفادة الشمول ورفع التجوز من احتمال البعض ، فتفسيره بالبعض مناف له ، ولو جعل كان الثاني وما يتعلق به استئنافا ليكون بيانا للحالتين حالة الإتمام وحالة غيره ، لكان أحسن وأعذب ، فلو عكف بالواو لم يحمل هذا التأويل ( متفق عليه ) .