2084 - ( وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : إن رجالا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أروا ) : على بناء المفعول من الإراءة ، وأصله أريوا أي : أراهم الله ( ليلة القدر ) : أي : تعيينها ( في المنام ) : قال ابن الملك : أي : خيل لهم في المنام ذلك تبعا للطيبي في أنه من الرؤيا ، فحينئذ يحتاج إلى التجريد ليستقيم قوله في المنام ، فتنبه ، فإنه وجه نبيه . ( في السبع الأواخر ) : أي : من رمضان ( فبعضهم رآها في ليلة الثالث والعشرين ، وبعضهم في ليلة الخامس والعشرين ، وكذلك رأوها جميعهم ) اهـ .
ولعل أخذ الإيتار من دليل آخر ، وأراد بالسبع السبع المحقق ، وإلا فأول السبع الأواخر إنما هو الرابع والعشرون ، أو الثاني والعشرون ، بناء على دور أول الشهر ، كما أن الأول مبني على دور آخره . قال الطيبي : أراد السبع التي تلي آخر الشهر ، أو أراد السبع بعد العشرين قيل : وهذا أولى ليدخل فيها الحادية والعشرون والثالثة والعشرون اهـ .
وفيه أن إطلاق السبع الأواخر على السبع بعد العشرين غير منطبق ، فإن الحادية والعشرين آخر السبع الثالث من الشهر ، وأول السبع الرابع إنما هو الثالثة والعشرون ، وأول أوتارها الثالثة والعشرون ، فتأمل خوفا من الزلل . وقال بعضهم : السبع إنما يذكر في ليالي الشهر في أول العدد ، ثم في سبع عشرة ثم في سبع وعشرين اهـ . فلعل جميع الأواخر باعتبار جنس السبع ، والتحري لمجرد طلبها ، والاجتهاد فيها بالطاعة والعبادة . ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أرى رؤياكم ، قد تواطأت ) : وفي نسخة صحيحة : قد تواطت بلا همزة ، وكتبت الهمزة في نسخة بالحمرة بين الطاء والتاء ، قيل : أصله تواطأت بالهمزة فقلبت ألفا ، وحذفت . وقد روي بالهمزة أيضا ، والتواطؤ التوافق . وقال النووي : هكذا هو في النسخ بطاء ثم تاء وهو مهموز ، وكان ينبغي أن يكتب بالألف بين الطاء والتاء ، ولا بد من قراءته مهموزا . قال الله - تعالى - : ليواطئوا عدة ما حرم الله وقال الشيخ التوربشتي : المواطأة الموافقة ، وأصله أن يطأ الرجل برجله موطأ صاحبه ، وقد رواه بعضهم بالهمزة وهو الأصل اهـ . أي : توافقت ( في السبع الأواخر ) : أي : عليها ( فمن كان متحريها ) : أي : طالبا لليلة القدر وقاصدها ، أو مريدا طلبها في أحرى الأوقات بالطلب من تحرى الشيء إذا قصد حراه ، أي : جانبه أو طلب الأحرى . ( فليتحرها في السبع الأواخر ) : قال التوربشتي : السبع الأواخر يحتمل أن يراد بها السبع التي تلي آخر الشهر ، وأن يراد بها السبع بعد العشرين ، وحمله على هذا أمثل لتناوله إحدى وعشرين وثلاثا وعشرين . قلت : ولتحقق هذا السبع يقينا وابتداء ، بخلاف ذاك وإن كان بحسب الظاهر هو المتبادر ، والله أعلم بالسرائر .
وقوله : ( فليتحرها في السبع الأواخر ) لا ينافي قوله : ( فالتمسوها في العشر الأواخر ) لأنه - عليه الصلاة والسلام - لم يحدث بميقاتها مجزوما ، فذهب كل واحد من الصحابة بما سمعه ورآه هو ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : والذي عندي - والله أعلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يجيب على نحو ما سئل عنه يقال له : نلتمسها في ليلة كذا ؟ فيقول : التمسوها في ليلة كذا . فعلى هذا تنوع كل فريق من أهل العلم اهـ .
وتبعه ابن حجر ، وذكر مثل ما ذكر ، لكن فيه أنه ما يحفظ حديث ورد بهذا اللفظ ، فكيف يحمل عليه جميع ألفاظ النبوة ؟ ثم قال التوربشتي : والذاهبون إلى سبع وعشرين هم الأكثرون ، ويحتمل أن فريقا منهم علم بالتوقيت ، ولم يؤذن له في الكشف عنه لما كان في حكم الله المبالغة في تعميتها على العموم ، لئلا يتكلوا وليزدادوا جدا واجتهادا في طلبها ، ولهذا السر أري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أنسي اهـ .
[ ص: 1437 ] وتبعه ابن حجر ، وفيه إشكال لا يخفى من تناقض كلامه الأخير مقاله الأول ، فإنه إذا كان صاحب النبوة أنسي ، فالعلم بالتوقيت كيف ألغى هذا إذا كان الضمير في منهم للصحابة ، وإن كان للقوم السادة الصوفية ، ففي إطلاق العلم على ما يحصل لهم من الإلهام ، وغيره محل توقف ، والله أعلم . ( متفق عليه ) .