2224 - ( وعنه ) : أي : عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اللهم إني اتخذت عندك عهدا " : أي : أخذت منك وعدا أو أمانا ( لن تخلفنيه ) : من الإخلاف ؛ لأن الكريم لا يخلف وعده ، قيل أصل الكلام إني طلبت منك حاجة أسعفني بها ولا تخيبني فيها ، فوضع العهد موضع الحاجة مبالغة في كونها مقضية ، ووضع لن تخلفنيه موضع لا تخيبني ، وقيل : موضع العهد موضع الوعد مبالغة وإشعارا بأنه وعد ، لا يتطرق إليه الخلف [ ص: 1524 ] كالعهد ، ولذلك استعمل فيه الخلف لا النقض لزيادة التأكيد ، وقيل : أراد بالعهد الأمان أي : أسألك أمانا لن تجعله خلاف ما أترقبه وأرتجيه ، أي : لا تردني به فإن دعاء الأنبياء لا يرد ، ووضع الاتخاذ موضع السؤال تحقيقا للرجاء بأنه حاصل ، أو كان موعودا بإجابة الدعاء ، أحل المسئول المعهود محل الشيء الموعود ، ثم أشار إلى أن وعد الله لا يتأتى فيه الخلف بقوله : لن تخلفنيه ، ( فإنما أنا بشر ) : أي : مثلهم ، وورد في رواية : أغضب كما يغضب البشر تمهيدا لمعذرته فيما يندر عنه من ضرب أو شتم ، فإن الغضب المؤدي إلى ذلك من لوازم البشرية . قال ابن الملك : إشارة إلى ظلومية البشر وجهوليته اهـ .
والحاصل أنه يتضرع إلى الله أنه ، لا يكله إلى نفسه ، كما ورد عنه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10360290اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، ولا أقل من ذلك ، فإنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعورة وذنب وخطيئة " ثم يطلب من مولاه أنه إن صدر عنه شيء مما لا يليق منه بمقتضى البشرية أن يتداركه بالعفو والمغفرة ، وأن يعوض من خصمائه بأنواع القربة ( فأي المؤمنين ) : بيان وتفصيل ، لما كان يلتمسه - صلى الله عليه وسلم - بقوله : اتخذت عندك عهدا ( آذيته ) : أي : بأي نوع من أنواع الأذى ( شتمته ) : بيان لقوله : آذيته ، ولذا لم يعطف ( لعنته ) : أي : سببته ( جلدته ) : أي : ضربته . قال الطيبي : ذكر هذه الأمور على سبيل التعداد بلا تنسيق ، وقابلها بأنواع الألطاف متناسقة ليجمعها كل واحد من تلك الأمور ، وليس من باب اللف ( فاجعلها ) : أي : تلك الأذية التي صدرت بمقتضى ضعف البشرية له أي : لمن آذيته من المؤمنين ( صلاة ) أي : رحمة وتلطفا وإكراما وتعظيما وتعطفا ، توصله إلى المقامات العلية ، ( وزكاة ) : أي : طهارة من الذنوب ، والمعائب ، ونماء بركة في الأعمال والمناقب ( وقربة تقربه ) : أي : تجعل ذلك المؤمن مقربا ( بها ) : أي : لتلك القربة ، أو كل واحدة من الصلاة وأختيها ( إليك يوم القيامة ) . وقال ابن الملك : جملة تقربه بها صفة لكل واحدة من الصلاة ، وأختيه أي : تقربه بتلك الأذية ، روي أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج يوما من حجرته إلى الصلاة ، فتعلقت به عائشة ، والتمست منه شيئا ، وألحت عليه في ذلك وجذبت ذيله فقال لها : " قطع الله يدك " فتركته ، وجلست في حجرتها مغضبة ضيقة الصدر ، فلما رجع إليها ورآها كذلك قال : " اللهم إن لي عندك عهدا " إلخ . تطييبا لقلبها ، فالسنة لمن دعا على أحد أن يدعو له جبرا لفعله . ( متفق عليه ) .