2239 - ( وعن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10360319من فتح له منكم باب الدعاء " : أي بأن وفق لأن يدعو الله كثيرا مع وجود شرائطه وحصول آدابه " فتحت له أبواب الرحمة : يحتمل أن يكون دعاء وإخبارا ، وعلى الثاني يحتمل أن يكون الثاني جزاء للأول ، وأن يكون الأول علامة للثاني ، والمعنى : أن يجاب لمسئوله تارة ، ويدفع عنه مثله من السوء أخرى ، كما في بعض الروايات فتحت له أبواب الإجابة . وفي بعضها : فتحت له أبواب الجنة ، أي : نعمها الدنيوية والأخروية . " وما سئل الله شيئا - يعني أحب إليه - " قال الطيبي : " أحب إليه " تقييد للمطلق بـ " يعني " ، وفي الحقيقة صفة " شيئا " ا . هـ . ولا معنى لقوله ( يعني ) هنا ؛ لأنه لا يذكر إلا في كلام تام مفيد يحتاج إلى تقييد في اللفظ ، أو تفسير في المعنى ، وهنا لا يتم الكلام إلا بما بعده : وهو أحب ، كما هو الظاهر ، ويؤيده ما قلنا أن لفظ ( يعني ) غير موجود في أكثر كتب الحديث ، كالحصن وغيره ، فقيل : " شيئا " مفعول مطلق ، " وأحب إليه " صفته وأن في قوله : " من أن يسأل العافية " مصدرية ، والمعنى ما سئل الله سؤالا أحب إليه من سؤال العافية ، ويجوز أن يكون " شيئا " مفعولا به أي : ما سئل الله مسئولا أحب إليه من العافية ، وزيد أن يسأل اهتماما بشأن المسئول وللإيذان بأن الأحب إليه سؤال العافية لا ذاتها ، هذا خلاصة كلام الطيبي .
وتبعه ابن حجر وزاد عليه بقوله : لأنها من صفات المحدثات ، وفي تعليله نظر ؛ لأن الظاهر أن السؤال أحب ، فإنه متضمن للافتقار والعبودية ، وظهور كمال الربوبية ، ولذا خلق الله المحن والبلايا الظاهرية والباطنية ، ولو كانت العافية نفسها أحب إليه لما خلق أضدادها .
قال الطيبي : وأصل الكلام : ما سئل الله شيئا أحب إليه من العافية ، فأقحم المفسر لفظ أن يسأل اعتناء اهـ . وقوله : فأقحم المفسر ، فيظهر منه أن يسأل ليس من كلام النبوة ولم يظهر له وجه لما قدمناه ، وإنما هو من كلام بعض الرواة ، وغاية توجيهه أن ما بعد يعني يكون نقلا بالمعنى .
وقال ابن حجر : وقدم ( يعني ) على محلها ففصل به بين " شيئا " وصفته ، والأصل ، وما سئل الله شيئا أحب إليه . يعني من أن يسأل العافية ، لأن الأول أظهر في التفسير ؛ لأن وقوعه بين الصفة والموصوف قرينة ظاهرة على أنها مفسرة ، لما يصلح للتفسير من جملة ما في خبرها [ ص: 1531 ] قلت : مع قطع النظر عن المناقشة في العبارة يدل على أن ( من أن يسأل العافية ) ليس من كلام النبوة ، وليس كذلك ، فإن الكلام بدونه لا يتم ولا يصح الاقتصار على ما قبله ، ثم اتفق الشراح أن المراد بالعافية الصحة ، وهذه عبارة الطيبي ، وإنما كانت العافية أحب لأنها لفظة جامعة لخير الدارين من الصحة في الدنيا والسلامة فيها وفي الآخرة ؛ لأن العافية أن يسلم من الأسقام والبلايا ، وهي الصحة عند المرض وهو كذلك في نفوس العامة ، والحال أنه ليس على ظاهره ، بل التحقيق أن المراد بالعافية السلامة من البلاء في أمر الدين ، سواء يكون معه صحة البدن أم لا .
قال ابن عطاء الله : دخل علي سيدي الشيخ أبو العباس المرسي ، وكان به ألم فقال ذلك الرجل : عافاك الله يا سيدي فسكت ولم يجاوبه ، ثم أعاد الكلام ، فقال : أنا ما سألت الله العافية ، قد سألته العافية ، والذي أنا فيه هو العافية ، وقد سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العافية وقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10360320ما زالت أكلة خيبر تعاودني فالآن قطعت أبهري " ، وأبو بكر سأل العافية ومات مسموما ، وعمر سأل العافية ومات مطعونا ، وعثمان سأل العافية ومات مذبوحا ، وعلي سأل العافية ومات مقتولا ، فإذا سألت الله العافية فسله العافية من حيث يعلم أنها لك عافية اهـ .
ونقل عن الشبلي أنه متى رأى واحدا من أبناء الدنيا قال : أسأل الله العافية ، والصواب أن يقال : العافية دفع العفاء وهو الهلاك ، والمراد هنا أن يكون للرجل كفاف من القوت ، وقرة للبدن على العبادة واشتغال بأمر الدين علما وعملا ، وترك ما لا خير فيه ولا ضرورة إليه ، ولا كلمة أجمع لذلك من لفظ العافية ، ومن ثم لما سأله - صلى الله عليه وسلم - عمه العباس أن يعلمه دعاء يدعو به اختار لفظها فقال : يا عم إني أحبك ، سل الله العافية في الدنيا والآخرة ( رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ) .