أي : طلب المغفرة ، وهو قد يتضمن التوبة وقد لا يتضمن ، ولذا قال : ( والتوبة ) : أو : الاستغفار باللسان ، والتوبة بالجنان ، وهي الرجوع عن المعصية إلى الطاعة ، أو من الغفلة إلى الذكر ، ومن الغيبة إلى الحضور ، ثم هي أهم مقاصد الشريعة ، وأول مقامات سالكي الآخرة ، والمغفرة منه تعالى لعبده ستره لذنبه في الدنيا ، بأن لا يطلع عليه أحدا ، وفي الآخرة بأن لا يعاقبه عليه . قال الطيبي : والتوبة في الشرع ترك الذنب لقبحه ، والندم على ما فرط منه ، والعزيمة على ترك المعاودة وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالإعادة . هذا كلام الراغب ، وزاد النووي وقال : إن كان الذنب متعلقا ببني آدم ، فلها شرط آخر ، وهو رد المظلمة إلى صاحبها أو تحصيل البراءة منه . وقال ابن حجر : ثم إن كان عليه حق كقضاء صلاة فلا يسامح بصرف وقت في نفل وفرض كفاية لم يتعين عليه ، لأن الخروج من الفسق متوقف على الخروج من ذلك ، فمتى تنفل مثلا كان باقيا في الفسق مع قدرته على الخروج منه ، والبقاء فيه مع ذلك فسق كما هو واضح . قلت : كما يدل عليه قوله - تعالى - : ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون قال : يتسامح في صرف الوقت إلى كسب ما يقوم بمؤنه ومؤن من تلزمه مؤنتهم ، لأن ذلك ضروري لا في أزيد من ذلك ، وهذا تفصيل حسن منه - رضي الله عنه - وكنت أعتقد بمضمونه ولم أر من صرح به .
الفصل الأول
2323 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبى هريرة ، قال : قال رسول الله : " والله ) : قسم لتأكيد الخبر ( إني لأستغفر الله ) أي : من تقصيري في الطاعة ، أو من رؤية نفسي في العبادة ، ولذا كان يعقب صلاته بالاستغفار على طريق الترجيع والتكرار ( وأتوب إليه ) أي : أرجع إلى أحكامه بعد إحكام شرائعه وإعلامه ، ويمكن أن يكون الاستغفار إيماء إلى التفرقة والتوبة إليه إشارة إلى الجمع ، أو الاستغفار اشتغال بالخلق ، والتوبة التفات إلى الحق ، وهو مرتبة لجمع الجمع ، أو الاستغفار مراقبة والتوبة مشاهدة ، أو الاستغفار فناء والتوبة بقاء . ( في اليوم أكثر من [ ص: 1610 ] سبعين مرة ) : يحتمل التحديد للرواية الآتية مائة مرة ، ويحتمل أن يراد بهما جميعا التكثير .