2365 - ( وعنه ) أي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن لله مائة رحمة ) أي غايتها ، وهي النعمة لاستحالة حقيقة الرحمة في حقه تعالى وتعددها ( أنزل منها ) أي من جملة المائة ، وهو أولى من قول ابن حجر من تلك النعم ( رحمة واحدة ) أي : تعطفا روحانيا وميلانا نفسانيا ، وحملت الرحمة هنا على حقيقتها لإمكانها فهي أثر من آثار رحمته تعالى ، والإنزال تمثيل مشيرا إلى أنها ليست من الأمور الطبيعية بل هي من الأمور السماوية مقسومة بحسب قابلية المخلوقات لمظاهر آثار صفة الرحمانية الواقعة ( بين الجن ) أي بعضهم من بعض ( والإنس ) كذلك ( والبهائم ) أي : مع أولادها ( والهوام ) بتشديد الميم ، جمع هامة ، وهي كل ذات سم وقد يقع على ما يدب من الحيوان وإن لم يقتل كالحشرات والقمل كذا في النهاية ، والله أعلم برحمتها فيما لا توالد فيها ، وأما أكل الهر لولدها أحيانا فيحتمل أن يكون لمزيد خوفها عليه من غيرها فترى أن لا ملجأ إلا أكله ; فهو من مزيد رحمتها في تخيلها ، ويحتمل أن يكون من جوعها كما يوجد لدى بعض أفراد الإنسان ، وفيه إشارة إلى أن الرحمة غير طبيعية فإذا سلبت ارتفعت بالكلية ( فبها ) أي بتلك الرحمة الواحدة وبسبب خلقها فيهم ( يتعاطفون ) أي يتمايلون فيما بينهم ( وبها يتراحمون ) أي بعضهم على بعض ( وبها تعطف الوحش ) أي تشفق وتحن ( على ولدها ) أي حين صغرها ولعل التخصيص بالأولاد لأنه لا تعاطف فيما بينها حتى لا تعطف أولادها على والديها ، ولعلها موجودة فيها كما يؤخذ من حديث ( أحد جبل يحبنا ونحبه ) ومن قوله تعالى وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وعلى هذا القياس ظهور النباتات ، وخواص الأشياء ، والمتعة بالنار ، والهواء ، وغير ذلك من سائر الأشياء ( وأخر الله ) قال الطيبي : عطف على أنزل منها رحمة وأظهر المستكن بيانا لشدة العناية لرحمة الله الأخروية ( تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده ) أي المؤمنين ( يوم القيامة ) أي : قبل دخول الجنة وبعدها ، قال الطيبي - رحمه الله تعالى - لا نهاية لها لم يرد بما ذكره تحديدا بل تصويرا للتفاوت بين قسط أهل الإيمان منها في الآخرة وقسط كافة المربوبين في الدنيا . اهـ . وهو في المرتبة الحسنى ، ولا ينافي تفسير الرحمة بالنعمة فإن نعمه لا تحصى دنيا وعقبى ، ولا يعارضه تقسيم الرحمة بمعنى المثوبة العظمى على ما ورد من نزول مائة وعشرين رحمة كل يوم على الكعبة ستين للطائفين ، وأربعين للمصلين ، وعشرين للناظرين ، فاندفع به ما تعقبه ابن حجر على الطيبي ، وفيه إشارة إلى سعة فضل الله على عباده المؤمنين وإيماء إلى أنه أرحم الراحمين ( متفق عليه ) .