قال الطيبي : هو من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي الدعاء الجامع لمعان كثيرة في ألفاظ يسيرة ، وما ذكره ابن حجر - رحمه الله - بلفظ الدعوات مخالف للأصول ، وقوله : قم قوله أي الدعوات الجامعة فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف غير مطابق بين الصفة والموصوف فتأمل ليظهر لك الخلاف .
الفصل الأول
2482 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري nindex.php?page=hadith&LINKID=10360758عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يدعو بهذا الدعاء اللهم اغفر لي خطيئتي ) أي سيئتي ( وجهلي ) أي فيما يجب علي علمه وعمله ( وإسرافي ) أي تقصيري وتجاوزي عن حدي ( في أمري ) قال ميرك - رحمه الله : الخطيئة الذنب ، ويجوز تسهيل الهمزة فيقال : خطية بالتشديد ، والجهل ضد العلم ، والإسراف مجاوزة الحد في كل شيء قال الكرماني : يحتمل قوله في أمري أن يتعلق بجميع ما ذكر ( وما أنت أعلم به مني ) تعميم بعد تخصيص واعتراف بإحاطة علمه تعالى وإقراره بعجزه عن معرفة نفسه ، ولذا قيل : من عرف نفسه فقد عرف ربه ( اللهم اغفر لي جدي ) هو نقيض الهزل ( وهزلي ) وهو المزاح أي ما وقع مني في الحالين ، أو هو التكلم بالسخرية والبطلان ( وخطئي ) مما يقع فيه تقصير مني ، في الصحاح الخطأ نقيض الصواب وقد يمد والخطأ الذنب ( وعمدي ) أي وتعمدي في ذنبي ( وكل ذلك ) أي جميع ما ذكر من الذنوب والعيوب ( عندي ) أي موجود ممكن وهو كالتذييل للسابق قال الطيبي : أي أنا متصف بجميع هذه الأشياء فاغفر لي ، قاله تواضعا وهضما ، وعن علي أنه عد ترك الأولى وفوات الكمال ذنبا ، وقيل : أراد ما كان قبل النبوة قال ابن حجر : كذا ذكره النووي ، وحكايته هذين الأخيرين مع سكوته عليهما عجيبة ، فإن الأصح المختار عند المحققين أن الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - معصومون قبل النبوة وبعدها من كبائر الذنوب وصغائرها عمدها وسهوها اهـ .
وتعجبه من أكبر العجائب لأن النووي قدم المختار عند المحققين بقوله : قاله هضما لنفسه وقواه بنقله عن علي أن المراد به خلاف الأولى ، ثم عبر عن غير المختار بقيل ، وقيل إشارة إلى ضعفهما عنده ، فمثل هذا لا يعد سكوتا عليه حتى يتعجب منه ، ثم من الغرائب قوله عند قوله - صلى الله عليه وسلم - وكل ذلك عندي أي أنا متصف بهذه الأشياء فلا أريد بما سبق التجوز ، بل لعل ما ذكره المصنف ورد في رواية أو نسخة ولا شك أن الجمع بينهما ويجوز الاكتفاء بأحدهما لحصول المقصود بكل منهما الحقيقة ، أي بأحد الاعتبارات السابقة فهذا كالتذييل لما سبقه اهـ .
ووجه غرابته المناقضة والمعارضة بين كلامه سابقا وتمامه لاحقا ، هذا واعلم مجملا أن الأنبياء معصومون عن الكذب خصوصا فيما يتعلق بأمر الشرائع ، أما عمدا فبالإجماع وأما سهوا فعند الأكثرين ، وفي عصمتهم عن سائر الذنوب تفصيل وهو أنهم معصومون من الكفر قبل الوحي وبعده بالإجماع ، وكذا عن تعمد الكبائر عند الجمهور خلافا للحشوية ، وإنما الخلاف في أن امتناعه بدليل السمع أو العقل ، فعندنا بالسمع وعند المعتزلة بالعقل ، وأما سهوا فجوزه الأكثرون ، وأما الصغائر فتجوز عمدا عند الجمهور خلافا للجبائي ، وتجوز سهوا بالاتفاق إلا ما يدل على الخسة كسرقة لقمة والتطفيف بحبة ، لكن المحققون اشترطوا أن ينبهوا عليه فينتهوا عنه وهذا كله بعد الوحي ، وأما قبله فلا دليل على امتناع صدور الكبيرة قبل يوجب النفرة كعهر الأمهات ، والصغائر الدالة على الخسة ، ومنع الشيعة صدور الصغيرة والكبيرة ، وذهب المعتزلة إلى امتناعها لأنها توجب النفرة المانعة عن اتباعه فتفوت مصلحة البعثة ، والحق منه ما الوحي وبعده لكنهم جوزوا الكفر تقية قال التفتازاني - رحمه الله : إذا تقرر هذا فما نقل عن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - مما يشعر بكذب أو معصية ، فما كان منقولا بطريق الآحاد فمردود ، وما كان بطريق التواتر فمصروف عن ظاهره إن أمكن وإلا فمحمول على ترك الأولى ، أو كونه قبل البعثة وتفصيل ذلك في الكتب المبسوطة ، وقيل : تعليما لأمته أو استغفارا لهم ( اللهم اغفر لي ما قدمت ) أي من الذنوب أو من [ ص: 1721 ] التقصير في العمل ، ( وما أخرت ) أي وما يقع مني بعد ذلك على الفرض والتقدير ، وعبر عنه بالماضي لأن المتوقع كالمتحقق أو معناه ما تركت من العمل ، أو قلت سأفعل أو سوف أترك ، ( وما أسررت ) أي أخفيت من الذنوب ، ( وما أعلنت ) أي أظهرت من العيوب ، ( وما أنت أعلم به مني أنت المقدم ) أي أنت تقدم من تشاء بتوفيقك إلى رحمتك ، ( وأنت المؤخر وأنت على كل شيء ) أي أردته من التقديم والتأخير وغيرهما ، وقول ابن حجر : على كل شيء تريده موهم فتنبه ، ( قدير ) كامل القدرة تام الإرادة ( متفق عليه ) المفهوم من الحصن أن قوله : اللهم اغفر لي ما قدمت إلى قوله مني من أفراد مسلم ، ورواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي أيضا وأما ما عداه فمتفق عليه لكنه بروايات متعددة .