صفحة جزء
[ ص: 1820 ] 2631 - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : فتلت قلائد بدن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيدي ، ثم قلدها ، وأشعرها ، وأهداها ، فما حرم عليه شيء كان أحل له . متفق عليه .


2631 - ( وعن عائشة قالت : فتلت قلائد بدن النبي - صلى الله عليه وسلم - ) القلائد : جمع قلادة ، وهي ما تعلق بالعنق ، والبدن : جمع البدنة ، وهي ناقة ، أو بقرة تنحر بمكة ، سميت بذلك لأنهم كانوا يسمنونها ( بيدي ) : بتشديد الياء ( ثم قلدها ، وأشعرها ، وأهداها ) مع أبي بكر - رضي الله عنه - في السنة التاسعة ( فما حرم ) - بفتح الحاء ، وضم الراء ( عليه ) أي : على النبي - صلى الله عليه وسلم - ( شيء كان أحل له ) سبب هذا القول من عائشة - رضي الله عنها - أنه بلغها فتيا ابن عباس - رضي الله عنه ، فيمن بعث هديا إلى مكة ، أنه يحرم عليه ما يحرم على الحاج من لبس المخيط ، وغيره ، حتى ينحر هديه بمكة ، فقالت ذلك ردا عليه ، كذا ذكره بعض علمائنا ، كذا رد علي ما حكي عن ابن عمر ، وعطاء ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير . قال الطيبي - رحمه الله : لأن باعث الهدي لا يصير محرما ، فلا يحرم عليه شيء . وقد حكي عن ابن عباس أنه يجتنب محظورات الإحرام ، وهكذا حكى الخطابي عن أصحاب الرأي ، ونسبة الخطابي هذه المسألة إلى أرباب الرأي الثاقب خطأ . ( متفق عليه ) .

قال ابن الهمام : أخرج الستة عنها بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهدي ، وأنا فتلت قلائدها بيدي من عهن كان عندنا ، ثم أصبح فينا حلالا يأتي الرجل من أهله ، وفي لفظه : لقد رأيتني أفتل القلائد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيبعث به ، ثم يقيم فينا حلالا ، وأخرجا واللفظ للبخاري ، عن مسروق أنه أتى عائشة فقال لها : يا أم المؤمنين ، إن رجلا يبعث بالهدي إلى الكعبة ، يجلس في العصر فيوصي أن تقلد بدنه ، فلا يزال من ذلك اليوم محرما حتى يحل الناس . قال : فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب ، فقالت : لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيبعث هديه إلى الكعبة ، فما يحرم عليه ما أحل للرجل من أهله حتى يرجع الناس اهـ .

وفي الصحيحين عن ابن عباس قال : من أهدى هديا حرم عليه ما حرم على الحج ، فقالت عائشة : " ليس كما قال ، أنا فتلت قلائد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي ، ثم قلدها ، ثم بعث بها مع أبي ، فلم يحرم عليه - صلى الله عليه وسلم - شيء أحله الله له حتى نحر الهدي " فهذان الحديثان يخالفان حديث عبد الرحمن بن عطاء صريحا ، فيجب الحكم ببطلانه اهـ .

ومراده بحديث عبد الرحمن - رحمه الله - هذا هو ما ذكره أولا . وقال : أخرج ابن أبي شيبة ، عن سعيد بن جبير ، أنه رأى رجلا قلد ، فقال : أما هذا فقد أحرم ، وورد معناه مرفوعا .

أخرجه عبد الرزاق من طريق البزار في مسنده ، عن عبد الرحمن بن عطاء أنه سمع ابني جابر يحدثان ، عن أبيهما جابر بن عبد الله قال : بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه ، إذ شق قميصه حتى خرج فسئل ، فقال : " واعدتهم يقلدون هديي اليوم فنسيت " اهـ . ثم قال : والحاصل أنه قد ثبت أن التقليد مع عدم التوجه معها لا يوجب الإحرام ، وأما ما ذكر من الآثار مطلقة في إثبات الإحرام ، فقيدناها به حملا لها على ما إذا كان متوجها جمعا بين الأدلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية