صفحة جزء
2679 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب وهو يقول : " إذا لم يجد المحرم نعلين لبس خفين ، وإذا لم يجد إزارا لبس سراويل " . متفق عليه .


2679 - ( وعن ابن عباس قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب وهو يقول : " إذا لم يجد المحرم نعلين لبس الخفين ) : أي : بعد قطعهما أسفل من الكعبين " وإذا لم يجد إزارا لبس سراويل " : وليس عليه فدية ، وهو قول للشافعي ، وقال أبو حنيفة ومالك - رحمهم الله تعالى - : ليس له لبس السراويل ، فقيل : يشقه ويأتزر به ولو لبسه من غير فتق فعليه دم .

وقال الرازي : يجوز لبس السراويل من غير فتق عند عدم الإزار ، ولا يلزم منه عدم لزوم الدم ، لأنه قد يجوز ارتكاب المحظور للضرورة مع وجوب الكفارة ، كالحالق للأذى ، ولبس المخيط للعذر ، وقد صرح الطحاوي - رحمه الله - في الآثار بإباحة ذلك مع وجوب الكفارة . فقال بعد ما روى هذا الحديث ونحوه : ذهب إلى هذه الآثار قوم فقالوا : من لم يجدهما لبسهما ولا شيء عليه ، وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا : أما ما ذكرتموه من لبس المحرم الخفين والسراويل على حال الضرورة ، فنحن نقول ذلك ، ونبيح له لبسه للضرورة التي هي به ولكن نوجب عليه مع ذلك [ ص: 1848 ] الكفارة ، وليس فيما رأيتموه نفي لوجوب الكفارة ، ولا فيه ولا في قولنا خلاف شيء من ذلك ، لأنا لم نقل : لا يلبس الخفين إذا لم يجد النعلين ، ولا السراويل إذا لم يجد الإزار ، ولو قلنا ذلك كنا مخالفين لهذا الحديث ، ولكن قد أبحنا له اللباس ، كما أباح النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أوجبنا عليه مع ذلك الكفارة بالدلائل القائمة الموجبة لذلك ، ثم قالب هذا أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد - رحمهم الله - تعالى - اهـ .

وفي منسك ابن جماعة : وإن شاء قطع الخفين من الكعبين ولبسهما ولا فدية عند الأربعة اهـ ، وأغرب الطبري ، والنووي ، والقرطبي ، وابن حجر - رحمهم الله ، فحكوا عن أبي حنيفة - رحمه الله : أنه يجب عليه الفدية إذا لبس الخفين بعد القطع عند عدم النعلين وهو خلاف المذهب ، بل قال في مطلب الفائق : وهذه الرواية ليس لها وجود في المذهب بل هي منتقدة . ( متفق عليه ) : وليس في الحديث أنه لا يلزمه فتق السراويل ، حتى يصير غير مخيط كما قال به أبو حنيفة - رحمه الله - قياسا على الخفين ، وأما اعتراض الشافعية بأن فيه إضاعة مال فمردود بما تقدم ، نعم لو فرض أنه بعد الفتق لا يستر العورة يجوز له لبسه من غير فتق ، بل هو متعين واجب إلا أنه يفدي ، وأما قول ابن حجر - رحمه الله : وعن أبي حنيفة ومالك : امتناع لبس السراويل على هيئته مطلقا فغير صحيح عنهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية