يجوز سكونه على الوقف ورفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف هو هذا ، ويحتمل الإضافة ( المحرم يجتنب الصيد ) : أي : اصطياده وقتله وإن لم يأكله ، وأكله وإن ذكاه محرم آخر ، والمراد بالصيد حيوان متوحش بأصل الخلقة بأن كان توالده وتناسله في البر ، أما صيد البحر ، فيحل اصطياده للحلال والمحرم جميعا مأكولا أو غير مأكول لقوله - تعالى : أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة والإجماع على هذا النص وإن كان الماء في الحرم ، والله - تعالى - أعلم ، وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ، وأما صيد الحرم فلا خصوصية له بالحرم ، فإدراج ابن حجر إياه ليس في محله ، ثم تخصصه بالحرم المكي . وقوله : وقيس لمكة باقي الحرم غريب جدا - والله - تعالى - أعلم - ثم البري المأكول حرام اصطياده على المحرم بالاتفاق ، وأما غير المأكول فقسمه صاحب البدائع على نوعين : نوع يكون مؤذيا طبعا مبتدئا بالأذى غالبا ، فللمحرم أن يقتله ولا شيء عليه نحو : الأسد ، والذئب ، والنمر ، والفهد . ونوع لا يبتدئ بالأذى غالبا ، كالضبع والثعلب وغيرهما ، فله أن يقتله إن عدا عليه ولا شيء عليه ، وهو قول أصحابنا الثلاثة . وقال زفر : يلزمه الجزاء وإن لم يعد عليه لا يباح له أن يبتدئه بالقتل ، وإن قتله ابتداء فعليه الجزاء عندنا .
الفصل الأول
2696 - ( عن الصعب بن جثامة ) : بتشديد المثلثة ( أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارا وحشيا ) : أي : [ ص: 1855 ] حيا ، وقيل : أي بعضه كما بينته روايات أخر لمسلم ، إذ في بعضها لحمه ، وفي بعضها عجزه ، وفي بعضها رجله ، وفي بعضها شقه ، وفي بعضها " عضوا " من لحم صيد ، فرواية لحمه أي : بعضه . ورجله أي مع العجز ، وهو الشق المذكور في الأخرى ، ورواية " عضوا " هو الرجل وما اتصل بها ، فاجتمعت الروايات . ذكره ابن حجر ، والأظهر أنه أهداه حيا أولا ثم أهدى بعضه مذبوحا ، ( وهو ) : أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( بالأبواء ) : بفتح الهمزة ; قرية من عمل الفرع على عشرة فراسخ من المدينة ، يمر بها سالك الطريق القديمة الشرقية التي كان - عليه الصلاة والسلام - يسلكها ، وهي غير المسلوكة اليوم ، يفترقان قريب الجحفة ، ويجتمعان قرب المدينة . ( أو بودان ) : بتشديد الدال المهملة قريبة جامعة على ثمانية أميال من الأبواء ، وهي بين الأبواء والجحفة . قال الطيبي - رحمه الله - : موضعان بين مكة والمدينة ، ( فرد ) : أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( عليه ) : أي : على الصعب صيده ، ( فلما رأى ) : أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ما في وجهه ) : أي : في وجه الصعب من التغير الناشئ من أثر التأذي من رده عليه الصيد . ( قال ) : أي : اعتذارا وتسلية له ( إنا لم نرده ) : بفتح الدال المشددة وضمها أي : الصيد ( عليك ) : أي : لشيء ( إلا أنا ) : أي : لأنا ( حرم ) : بضمتين أي محرمون ، والحرم جمع حارم وهو من أحرم بنسك .
قال الطيبي - رحمه الله : دل الحديث على أن المحرم لا يجوز له قبول الصيد إذا كان حيا ، وإن جاز له قبوله لحمة ، وقيل : المهدى كان لحم حمار وحشي ، وإنما لم يقبل لأنه ظن أنه صيد لأجله ، ويؤيده حديث أبي قتادة ، وحديث جابر - رحمه الله - اهـ . وسيأتي الكلام عليهما ( متفق عليه ) .
قال ابن الهمام : في مسلم أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=10361236أهدى للنبي - صلى الله عليه وسلم - لحم حمار وفي لفظ : رجل حمار ، وفي لفظ : عجز حمار ، وفي لفظ : شق حمار ، فإنه يقتضي حرمة أكل المحرم لحم الصيد مطلقا ، سواء صيد له أو بأمره أم لا . وهو مذهب نقل عن جماعة من السلف منهم nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مذهبنا مذهب عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، وطلحة بن عبيد الله ، وعائشة - رضي الله عنها - أخرج عنهم ذلك الطحاوي ، وبه قال ابن عباس ، وطاوس ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري - رحمهم الله ، لكن الذي عليه الشافعية مما يأتي التصريح به في حديث أبي قتادة أنه إنما يحرم ، ويكون ميتة إن صاده أو صيد له ، أو دل أو أعان عليه ، أو أشار إليه . قالوا : وزعم أن حديث الصعب في حجة الوداع ، فيكون ناسخا لحديث أن قتادة الآتي غير صحيح ، لأن شرط النسخ تعذر الجمع ، وتعليل الرد بكونهم حرما إنما هو لكونه ظن أنه صيد له ، ويأتي حديث أبي قتادة حيث أكل - صلى الله عليه وسلم - مما اصطاده تارة ، ولم يأكل منه أخرى لو صح ذلك ، وصح nindex.php?page=hadith&LINKID=10361238أنه - عليه الصلاة والسلام - أتى بالعرج وهو محرم بحمار عقيرة فأباحه له صاحبه فأمر - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر فقسمه بين الرفاق ، وصح أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة - رضي الله عنه - استفتي في أكل محرم من لحم ما صاده حلال ، فأفتى بحله ، ثم أخبر عمر فقال : لو أفتيته بغير ذلك لأوجعتك .