صفحة جزء
2886 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا ، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة . رواه البخاري .


2886 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الظهر " ) أي ظهر الدابة وقيل : الظهر الإبل القوي يستوي فيه الواحد والجمع ولعله سمي بذلك لأنه يقصد لركوب الظهر ( يركب ) بصيغة المجهول ( بنفقته ) أي بسببها أو بمقدارها . قال ابن الملك : أي جاز للراهن أن يركبه ويحمل عليه حمله بسبب أن علفه عليه ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي رحمهم الله بدليل أنه لو مات العبد المرهون كفنه المالك ( ولبن الدر ) أي ذات الدر والمعنى أن اللبن ( يشرب بنفقته ) أي يشربه المنفق عليها ( إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة ) قال ابن الملك : فيه أن دوام قبض المرهون ليس بشرط في الرهن لأنه لا يركبه المالك إلا وهو خارج عن قبض المرهون . قال الطيبي - رحمه الله - وظاهر الحديث أن المرهون لا يحمل ومنافعه لا تعطل بل ينبغي أن ينتفع به وينفق عليه وليس فيه دلالة على أن من له غنمه عليه غرمه ، والعلماء اختلفوا في ذلك ، فذهب الأكثرون إلى أن منفعة الرهن للراهن مطلقا ونفقته عليه ؛ لأن الأصل له ، والفروع تتبع الأصول ، والغرم بالغنم بدليل أنه لو كان عبدا فمات كان كفنه عليه ، ولأنه روى ابن المسيب عن أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه ، له غنمه وعليه غرمه " وقال أحمد وإسحاق : للمرتهن أن ينتفع من المرهون بحلب وركوب دون غيرهما ويقدر بقدر النفقة ، واحتجا بهذا الحديث ، ووجه التمسك به أن يقال : دل الحديث بمنطوقه على إباحة الانتفاع في مقابلة الإنفاق ، وانتفاع الراهن ليس كذلك لأن إباحته مستفادة له من تملك الرقبة لا من الإنفاق ، وبمفهومه على أن جواز الانتفاع مقصور على هذين النوعين من المنفعة ، وجواز انتفاع الراهن غير مقصور عليهما ، فإذا المراد به أن للمرتهن أن ينتفع بالركوب والحلب من المرهون بالنفقة ، وأنه إذا فعل ذلك لزمه النفقة ، وأجيب عن ذلك بأنه منسوخ بأنه من الربا فإنه يؤدي إلى انتفاع المرتهن بمنافع المرهون بدينه ، وكل قرض جر نفعا فهو ربا ، والأولى أن يجاب بأن الباء في بنفقته ليست للبدلية بل للمعية ، والمعنى أن الظهر يركب وينفق عليه فلا يمنع الرهن الراهن من الانتفاع بالمرهون ، ولا يسقط عنه الإنفاق كما صرح به في الحديث الآخر . ( رواه البخاري ) .

[ ص: 1949 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية