صفحة جزء
2894 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال : غلا السعر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله ! سعر لنا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق ، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة ، بدم ولا مال " . رواه الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والدارمي .


2894 - ( وعن أنس قال : غلا السعر ) : أي : ارتفعت القيمة ( على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ) : أي : في زمانه ( فقالوا : يا رسول الله ! سعر لنا ) : أمر من التسعير وهو من وضع السعر على المتاع . قال الطيبي - رحمه الله : " السعر القيمة ليشيع البيع في الأسواق بها " . قيل : " سميت بذلك لأنها ترتفع والتركيب لما ارتفع والتسعير تقديرها " . ( فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : إن الله هو المسعر ) : بتشديد العين المكسورة ( القابض الباسط ) : سبق معناهما في أسماء الله الحسنى ( الرازق ) : وفي نسخة " الرزاق " بصيغة المبالغة ، قال الطيبي - رحمه الله : قوله : " إن الله هو المسعر " إلخ جواب على سبيل التعليل للامتناع عن التسعير جيء بإن ، وضمير الفصل من اسم إن ، والخبر معرفا باللام ليدل على التوكيد والتخصيص ، ثم رتب هذا الحكم على الأخبار الثلاثة المتوالية ترتب الحكم على الوصف المناسب ، وكونه قابضا علة لغلاء السعر ، وكونه باسطا لرخصه ، وكونه رازقا يقتر الرزق على العباد ويوسعه ، فمن حاول التسعير فقد عارض الله ونازعه فيما يريده ويمنع العباد حقوقهم مما أولاهم الله تعالى في الغلاء والرخص وإلى المعنى الأخير أشار بقوله : ( وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني ) : جملة حالية ( بمظلمة ) : بكسر اللام ; ما أخذ منك ظلما كذا ذكره ، وفي المغرب : المظلمة : الظلم ، وقول محمد : " وهذا مظلمة للمسلمين " اسم للمأخوذ في قولهم : عند فلان مظلمتي وظلامي ، أي : حقي الذي أخذ مني ظلما ( بدم ) : بدل من مظلمة ( ولا مال ) : قال الطيبي - رحمه الله : جيء بلا النافية للتوكيد من غير تكرير لأن المعطوف عليه في سياق النفي ، والمراد بالمال هذا التسعير لأنه مأخوذ من المظلوم وهو كأرش جناية ، وإنما أتي بمظلمة توطئة له ، قال القاضي : " قوله : إني لأرجو إلخ ; إشارة إلى أن المانع له من التسعير مخافة أن يظلمهم في أموالهم فإن التسعير تصرف فيها بغير إذن أهلها فيكون ظلما ، ومن مفاسد التسعير تحريك الرغبات والحمل على الامتناع عن البيع وكثيرا ما يؤدي إلى القحط ( رواه الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والدارمي ) : ورواه أحمد ، وابن حبان ، والبيهقي بلفظ : " إن الله هو الخالق القابض الباسط الرازق المسعر وإني لأرجو الله أن ألقى ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال " . والله أعلم .

[ ص: 1952 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية