صفحة جزء
2905 - وعن أبي رافع - رضي الله عنه - قال : " استسلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكرا فجاءته إبل من الصدقة . قال أبو رافع : فأمرني أن أقضي الرجل بكره . فقلت : لا أجد إلا جملا خيارا رباعيا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " أعطه إياه فإن خير الناس أحسنهم قضاء " . رواه مسلم .


2905 - ( عن أبي رافع ) : أي : مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : استسلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) : أي : استقرض ( بكرا ) : بفتح موحدة وسكون كاف فتى من الإبل بمنزلة الغلام من الإنسان ( فجاءته ) : أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( إبل من الصدقة ) : أي : قطعة إبل من إبل الصدقة ( قال أبو رافع : فأمرني أن أقضي الرجل بكره ، فقلت : لا أجد إلا جملا خيارا ) : يقال جمل خيار وناقة خيارة أي مختارة ( رباعيا ) : بفتح الراء وتخفيف الباء والياء ، وهو من الإبل ما أتى عليه ست سنين ودخل في السابعة حين طلعت رباعيته ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " أعطه إياه ، فإن خير الناس أحسنهم قضاء ) : في شرح السنة : فيه من الفقه جواز استسلاف الإمام للفقراء إذا رأى بهم خلة وحاجة ثم يؤديه من مال الصدقة إن كان قد أوصل إلى المساكن ، وفيه دليل على جواز استقراض الحيوان وثبوته في الذمة ، وهو قول أكثر أهل العلم وبه قال الشافعي - رحمه الله . وفي الحديث دليل على أن من استقرض شيئا يرد مثل ما اقترض كان ذلك من ذوات القيم أو من ذوات الأمثال لأن الحيوان من ذات القيم ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم برد المثل . وفيه دليل على أن من استقرض شيئا فرد أحسن أو أكثر منه من غير شرطه كان محسنا ويحل ذلك للمقرض ، وقال النووي - رحمه الله : يجوز للمقرض أخذ الزيادة سواء زاد في الصفة أو في العدد ، ومذهب مالك أن الزيادة في العدد منهي عنها ، وحجة أصحابنا عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : " فإن خير الناس أحسنهم قضاء " ، وفي الحديث دليل على أن رد الأجود في القرض أو في الدين سنة ومكارم الأخلاق ، وليس هو من قرض جر منفعة ; لأن المنهي عنه ما كان مشروطا في عقد القرض ، وفي الحديث إشكال وهو أن يقال : كيف قضى من إبل الصدقة أجود من الذي يستحقه الغريم مع أن الناظر في الصدقات لا يجوز تبرعه منها ؟ والجواب : أنه - صلى الله عليه وسلم - اقترض لنفسه ثم اشترى في القضاء من إبل الصدقة بعيرا وأداه ، ويدل عليه حديث أبي هريرة " اشتروا له بعيرا فأعطوه إياه " وقيل : إن المقترض كان بعض المحتاجين اقترض لنفسه فأعطاه من الصدقة حين جاءت وأمره بالقضاء ، قال : وفيه جواز إقراض الحيوانات كلها ، وهو مذهب مالك والشافعي وجماهير العلماء من الخلف والسلف ، إلا الجارية لمن يملك وطأها ومذهب أبي حنيفة - رحمه الله - أنه لا يجوز والأحاديث [ ص: 1955 ] الصحيحة ترد عليه ولا يقبل دعوى النسخ بغير دليل ، قال أكمل الدين : قيل فيه جواز استقراض الحيوان وثبوته في الذمة ، وهو قول الأكثر ، وفيه نظر لجواز أن يكون ذلك أداء بقيمة ما اشترى به البعير إذ ليس في الحديث ما يدل على كونه قرضا . ( رواه مسلم ) : وروى ابن ماجه عن عرباض بن سارية الجملة الأخيرة بلفظ " خير الناس خيرهم قضاء " .

التالي السابق


الخدمات العلمية