صفحة جزء
285 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( إذا توضأ العبد المسلم - أو المؤمن - فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، فإذا غسل رجليه ، خرج كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء ، أو مع آخر قطر الماء ، حتى يخرج نقيا من الذنوب ) رواه مسلم .


285 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( إذا توضأ العبد المسلم - أو المؤمن ) : شك من الراوي في لفظ النبوة وإلا فهما مترادفان في الشريعة والمؤمنة في حكم المؤمن ( فغسل وجهه ) : عطف على توضأ عطف تفسير ، أو المراد إذا أراد الوضوء وهو الأوجه ، وفيه إيماء إلى اعتبار النية المقتضية للمثوبة ( خرج من وجهه ) جواب إذا ( كل خطيئة نظر إليها ) إلى الخطيئة يعني إلى سببها إطلاقا لاسم المسبب على السبب مبالغة ( بعينيه ) قال الطيبي : تأكيد ، وزاد ابن حجر للمبالغة وإلا فالنظر لا يكون بغير العين اهـ . وهو موهم أنه من باب رأيته بعيني وليس كذلك ، فإنه قد يكون لنظر بإحدى العينين وقد يكون بهما ( مع الماء ) : أي : مع انفصاله والجملة المجرورة المحل صفة الخطيئة مجازا ، وكذا أخواته ( أو مع آخر قطر الماء ) قيل : أو لشك الراوي ، وقيل لأحد الأمرين ، والقطر إجراء الماء وإنزال قطره ( فإذا غسل يديه خرج من يديه ) : أي : ذهب ومحي ( كل خطيئة كان بطشتها ) : أي : أخذتها ( يداه ) كملامسة المحرمة . قال الطيبي قوله : يداه للتأكيد وفيه ما سبق ( مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرج كل خطيئة مشتها : الضمير للخطيئة ونصبت بنزع الخافض أي : مشت بها [ ص: 346 ] إلى الخطيئة أو يكون مصدرا أي : مشت المشية كقوله عليه الصلاة والسلام ( واجعله الوارث ) أي اجعل الجعل . ( رجلاه ) : قال الطيبي : تأكيد وفيه ما تقدم ( مع الماء ، أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب ) أي : ذنوب أعضاء الوضوء أو جميع الذنوب من الصغائر قال ابن الملك : أي يفرغ المتوضئ من وضوئه طاهرا من الذنوب أي التي اكتسبها بهذه الأعضاء ، والحديث يدل على أن المغفور ذنوب أعضائه المغسولة ، فالتوفيق بينه وبين الحديث المتقدم أن غفران جميع الجسد يكون عند التوضؤ بالتسمية يشير إليه إحسان الوضوء وغفران أعضاء الوضوء يكون عند عدم التسمية اهـ .

وفيه أنه ليس في الحديث المتقدم نص على غفران جميع الذنوب ، لأن قوله : من جسده يحتمل جميع بدنه ، أو أعضاء الوضوء يشير إليه حتى تخرج من تحت أظفاره والله أعلم . هذا وقال الطيبي : فإن قيل : ذكر لكل عضو ما يخص به من الذنوب وما يزيلها عن ذلك والوجه مشتمل على العين والأنف والأذن فلم خصت العين بالذكر ؟ أجيب : بأن العين طليعة القلب ورائده ، فإذا ذكرت أغنت عن سائرها ، ويعضده الخبر الآتي : فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من أشفار عينيه اهـ .

ويمكن أن يقال : إن الأنف واللسان بالمضمضة والاستنشاق والأذن بالمسح فيتعين العين وسيأتي في الفصل الثالث ما هو كالتصريح بذلك ، أو يقال : خصت العين لئلا يتوهم عدم خروج ذنوبها لعدم غسل داخلها والله أعلم . ثم رأيت ابن حجر ذكر ما يؤيد قولي حيث قال بعد نقل كلام الطيبي : وجعل الأذن من الوجه غير صحيح عندنا ، بل هي ليست من الوجه ولا من الرأس وخبر الأذنان من الرأس ضعيف ، وكون العين طليعة كما ذكر لا ينتج الجواب عن تخصيص خطيئتها بالمغفرة كما هو جلي ، بل الذي يتجه في الجواب عن ذلك أن سبب التخصيص هو أن كلا من الفم والأنف والأذن له طهارة مخصوصة خارجة عن طهارة الوجه ، فكانت متكلفة بإخراج خطاياه بخلاف العين فإنه ليس لها طهارة إلا في غسل الوجه فخصت خطيئتها بالخروج عند غسله دون غيرها مما ذكر فتأمله اهـ .

وقوله : خبر الأذنان ضعيف لما رواه ابن ماجه بإسناد صحيح عن عبد الله بن زيد والدارقطني بإسناد صحيح عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( الأذنان من الرأس ) أي حكمهما إذ لم يبعث لبيان الخلقة ، وقد نص ابن القطان على صحته أيضا ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية