صفحة جزء
3148 - وعن سلمة بن الأكوع قال : رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها . رواه مسلم .


3148 - ( وعن سلمة بن الأكوع قال : رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام أوطاس ) موضع بالطائف يصرف ولا يصرف ، وقيل : اسم واد من ديار هوازن قسم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائم حنين ( في المتعة ثلاثا ) قال بعض الشراح : أي رخص في المتعة في هذا الغزو ثلاث ليال ( ثم نهى عنها ) واختلاف الرواة في وقت النهي لتفاوتهم في بلوغ الخبر إليهم والتوفيق بين هذا الحديث وحديث علي - رضي الله عنه - أنه رخص عام أوطاس بعد ما نهى عنه لضرورة دعت إليها ثم نهى عنها ثانيا ويدل عليه قوله ورخص في المتعة ثلاثا ( رواه مسلم ) وفي الهداية : قال مالك : هو جائز . قال ابن الهمام : نسبته إلى مالك غلط وقوله لأنه كان مباحا فيبقى إلى أن يظهر النسخ هذا متمسك من يقول بها كابن عباس . قلنا : قد ثبت النسخ بإجماع الصحابة ، هذه عبارة المصنف وليست الباء سببية فيها فإن المختار أن الإجماع لا يكون ناسخا اللهم إلا أن يقدر محذوف أي بسبب العلم بإجماعهم أي لما عرف إجماعهم على المنع علم أنه نسخ بدليل النسخ أو هي للمصاحبة أي لما ثبت إجماعهم على المنع علم معه النسخ وأما دليل النسخ بعينه فما في صحيح مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - حرمها يوم الفتح وفي الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - حرمها يوم خيبر والتوفيق أنها حرمت مرتين ، قيل : ثلاثة أشياء نسخت مرتين المتعة ولحوم الحمر الأهلية والتوجه إلى بيت المقدس في الصلاة ، وقيل : لا يحتاج إلى الناسخ لأنه عليه الصلاة والسلام إنما كان أباحها ثلاثة أيام فبانقضائها تنتهي الإباحة ; وذلك لما قال محمد بن الحسن في الأصل بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أحل المتعة ثلاثة أيام من الدهر في غزاة غزاها اشتد على الناس فيها العزوبة ثم نهى عنها وهذا لا يفيد أن الإباحة حين صدرت كانت مقيدة بثلاثة أيام ; ولذا قال ثم نهى عنها وهو يشبه ما أخرجه مسلم عن شبرمة بن معبد الجهني قال أذن لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمتعة فانطلقت أنا ورجل [ ص: 2069 ] إلى امرأة من بني عامر كأنها بكرة عيطاء فعرضنا عليها أنفسنا فقالت : ما تعطيني فقلت رداء لي ، وقال صاحبي : ردائي ، وكان رداء صاحبي أجود من ردائي ، وكنت أشبه فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها فإذا نظرت إلي أعجبتها ، ثم قالت أنت ورداؤك يكفيني فمكثت معها ثلاثا ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من كان عنده شيء من هذه النساء التي يتمتع بهن فليخل سبيلها . وفي صحيح مسلم عنه - صلى الله عليه وسلم - كنت أذنت لكم في الاستمتاع في النساء وقد حرم الله ذلك إلى يوم القيامة والأحاديث في ذلك كثيرة شهيرة وابن عباس صح رجوعه بعد ما اشتهر عنه من إباحتها وحكي عنه أنه إنما أباحه حالة الاضطرار والعنت في الأسفار ولهذا قال الحازمي : " أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن أباحها لهم وهم في بيوتهم وأوطانهم وأباحها لهم في أوقات بحسب الضروريات حتى حرمها عليهم في آخر سنة في حجة الوداع وكان تحريم تأبيد لا خلاف فيه بين الأئمة وعلماء الأمصار إلا طائفة من الشيعة " اه ، قال القاضي عياض : " أحاديث إباحة المتعة وردت في أسفارهم في الغزو عند ضرورتهم وعدم النساء مع أن بلادهم حارة وصبرهم عنهن قليل وقد ذكر في حديث ابن عمر أنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة ونحوها ثم أجمعوا على أنه متى وقع نكاح المتعة حكم ببطلانه سواء كان قبل الدخول أو بعده ، إلا ما قال زفر : من نكح متعة تأبد نكاحه . وكأنه جعل ذكر التأجيل من باب الشروط الفاسدة في النكاح فإنها تلغى ويصح النكاح " اه . وفيه أن زفر فرق بين النكاح المؤقت وبين المتعة فالمتعة باطل بالاتفاق وهي أن يكون بلفظ المتعة والتمتيع سواء يكون مؤقتا أو لا والمؤقت هو أن يكون بلفظ النكاح والزواج مقيدا بزمان معين . قال القاضي عياض - رحمه الله - : وأجمعوا على أن من نكح مطلقا ونيته أنه لا يمكث معها إلا مدة فنكاحه صحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية