صفحة جزء
[ ص: 2193 ] 3345 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن جعل الله أخاه تحت يديه فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا يكلفه من العمل ما يغلبه ، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه " . متفق عليه .


3345 - ( وعن أبي ذر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إخوانكم " : أي خولكم كما في رواية ، وفي رواية : هم إخوانكم . والمعنى هم مماليككم . ( جعلهم الله ) : أي فتنة كما في رواية ( تحت أيديكم ) ، أي تصرفكم وأمركم وحكمكم ، وفيه إيماء إلى أنه لو شاء لجعل الأمر بالعكس . قال الطيبي رحمه الله : قوله إخوانكم فيه وجهان أحدهما أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي مماليككم إخوانكم ، واعتبار الأخوة من جهة آدم أي أنكم متفرعون من أصل واحد أو من جهة الدين . قال تعالى جل جلاله : إنما المؤمنون إخوة فيكون قوله جعلهم الله حالا لما في الكلام من معنى التشبيه ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، وجعلهم الله خبره ، فعلى هذا إخوانكم مستعار لطي ذكر المشبه ، وفي تخصيص الذكر بالأخوة إشعار بعلة المساواة في الإنفاق ، وأن ذلك مستحب لأنه وارد على سبيل التعطف عليهم وهو غير واجب ، وناسب لهذا أن يقال : فليعنه ; لأن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم ، وهذا معنى قوله : ( فمن جعل الله أخاه تحت يديه ) : وفي رواية : فمن كان أخوه تحت يديه ( فليطعمه مما يأكل ) : أي : من طعامه كما في رواية ( وليلبسه ) : بضم أوله وكسر الموحدة ( مما يلبس ) : بفتح أوله وفتح الموحدة أي من لباسه كما في رواية . قال النووي : الأمر بإطعامهم مما يأكل السيد ، وكذا إلباسهم محمول على الاستحباب ، ويجب على السيد نفقة السيد ولباسه أو دونه أو فوقه ، حتى لو قتر السيد على نفسه تقتيرا خارجا عن عادة أمثاله إما زهدا وإما شحا لا يحل له التقتير على المملوك ، وإلزامه بموافقته إلا برضاه .

قال ابن الهمام : المراد من جنس ما يأكلون ويلبسون لا مثله ، فإذا ألبس من الكتان والقطن وهو يلبس منهما . الفائق : كفى بخلاف إلباسه نحو الخرائق ولم يتوارث عن الصحابة أنهم كانوا يلبسون مثلهم إلا الأفراد . قال صاحب الهداية : وعلى المولى أن ينفق على عبده وأمته . قال ابن الهمام : وعليه إجماع العلماء إلا الشعبي ، والأولى أن يحمل قوله على ما إذا كانوا يقدرون على الاكتساب ، فإنه لا يجب على المولى حينئذ . ( ولا يكلفه من العمل ما يغلبه ، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه ) : أي على ذلك العمل بنفسه أو بغيره . ( متفق عليه ) : ورواه أحمد ، أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه . قال ابن الهمام : الحديث في الصحيحين ، رواه أبو داود بسند صحيح وزاد فيه : " ومن لا يلائمكم منهم فبيعوهم ولا تعذبوا خلق الله " .

التالي السابق


الخدمات العلمية