فإنما أمهات الناس أوعية مستودعات وللآباء أبناء
فإن قلت : الانتقال من قوله : " أنت ومالك لوالدك " إلى قوله : " إن أولادكم من أطيب كسبكم " . هل يسمى التفاتا ؟ قلت : لا ; لأنه ليس انتقالا من إحدى الصيغ الثلاث إلى الأخرى ) أعني : الحكاية والخطاب والغيبة لمفهوم واحد ، بل هو انتقال من الخاص إلى العام فيكون تلوينا للخطاب ( رواه أبو داود ) . قال وابن ماجه ابن الهمام : رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة من الصحابة ، وقد أخرج أصحاب السنن الأربعة ، عن عائشة رضي الله عنها قال - صلى الله عليه وسلم - : " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه " . وحسنه ، فإن قيل : هذا يقتضي أن له ملكا ناجزا في ماله . قلنا : نعم لو لم يقيده حديث رواه الترمذي الحاكم وصححه والبيهقي عنها مرفوعا ( إن أولادكم هبة يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ، وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها ) : ومما يقطع بأن الحديث الأول مئول أنه تعالى ورث الأب من ابنه السدس مع ولد ولده ، فلو كان الكل ملكه لم يكن لغيره شيء مع وجوده . قال : والنفقة لكل ذي رحم محرم واجبة يجبر عليها . وقال أحمد : على كل وارث محرما كان أو لا . وهو قول ، وقال ابن أبي ليلى : لا تجب لغير الوالدين والمولودين كالإخوة والأعمام ، وجهه أنه يجعل الإشارة في قوله تعالى : الشافعي وعلى الوارث مثل ذلك لنفي المضارة لا لإيجاب النفقة ، فلا يبقى دليلا على إيجاب النفقة فيبقى على العدم لعدم دليلها الشرعي . قلنا : نفيها لا يختص بالوارث ، ثم دليلا هو مخالف للظاهر من الإشارة المقرونة بالكاف فإنها بحسب الوضع للبعيد دون القريب ، ووجه قول أحمد أنه تعالى علقها بالوارث ، فقيد المحرمية زيادة . قلنا : في قراءة ابن مسعود : " وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك " . فيكون بيانا للقراءة المتواترة . فإن قيل : القراءة الشاذة . بمنزلة خبر الواحد ، ولا يجوز تقييد مطلق القاطع به ، فلا يجوز تقييده بهذه القراءة أجيب : بادعاء شهرتها . واستدل على الإطلاق بما في من حديث النسائي طارق قال : المدينة ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم على المنبر يخطب الناس وهو يقول : " يد المعطي العليا " ، وابدأ بمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك وأدناك " قدمت . وما رواه أحمد وأبو داود ، والترمذي معاوية بن حيدة القشيري ، قلت : يا رسول الله ! من أبر ؟ قال : أمك . قال : ثم من ؟ قال : " أمك " . قال : ثم من ؟ قال : " أباك ، ثم الأقرب فالأقرب " عن . قال : حسن وفي صحيح الترمذي مسلم : ( فإن فضل من أهلك شيء فلذوي قرابتك ) . فهذه تفيد وجوب النفقة بلا تقييد بالإرث ، ولا يخفى أن الباقي لا يفيد وجوب النفقة أصلا ، لأنه جواب قول السائل : من أبر ؟ وهو لا يستلزم سؤالا عن البر المفروض لجواز كونه سؤالا عن الأفضل منه ، فيكون الجواب عنه بخلاف الأول ، وليس معارضا للنص ; لأن الحديث عند من لا يقول بمفهوم الصفة ، على أن القائل ألزمهم أن الوارث أريد به القريب عبر به خصوصا على رأيكم ، وهو أن كل قريب وارث لتوريثكم ذوي الأرحام مع قولكم : إن المراد به أهلية الإرث في الجملة . قالوا : إذا كان له خال وابن عم أن نفقته على خاله وميراثه لابن عمه .