في المغرب : العتق الخروج من المملوكية ، يقال : أعتق العبد عتقا وعتاقا وعتاقة وهو عتيق وأعتقه مولاه ، ثم جعل عبارة عن الكرم وما يتصل به كالحرية فقيل : فرس عتيق رابع ، وعتاق الحمل والطير كرائمها ، وقيل : مدار التركيب على التقدم ، ومنه العاتق لما بين المنكب والعنق لتقدمه ، والعتيق والقديم . وقال ابن الهمام : لا يخفى ما في الإعتاق من المحاسن ، فإن الرق أثر الكفر ، فالعتق إزالة أثر الكفر وهو إحياء حكمي ، فإن الكافر ميت معنى ، فإن لم ينتفع بحياته ولم يذق حلاوته العليا فصار كأنه لم يكن له روح قال تعالى جل جلاله : أومن كان ميتا فأحييناه أي كافرا فهديناه ، ثم أثر ذلك الكفر الرق الذي هو سلب أهليته لما تأهل له العقلاء من ثبوت الولايات على الغير من إنكاح البنات والتصرف في المال والشهادات ، وامتناعه بسبب ذلك عن كثير من العبادات ، كصلاة الجمعة والحج والجهاد [ ص: 2213 ] ونحوها ، وفي هذا كله من الضرر ما لا يخفى ، فإنه صار بذلك ملحقا بالأموات في كثير من الصفات ، فكان العتق إحياء له معنى ، ولذا كان - والله تعالى أعلم - جزاؤه - عند الله تعالى إذا كان العتق خالصا لوجهه الكريم - الإعتاق من نار الجحيم ، كما وردت به الأخبار عن سيد الأخيار ، والعتق والعتاق لغة عبارتان عن القوة ، ومنه البيت العتيق لاختصاصه بالقوة الدافعة عن ملك أحد في عصر من الأعصار ، وقيل : للقديم عتيق لقوة سبقه ، ومنه سمي nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق عتيقا لجماله ، وقيل : لقدمه في الخير ، وقيل : لعتقه من النار ، وقيل : لشرفه ، فإنه قوة في الحسب ، وهو معنى ما ذكر أنه يقال للكريم بمعنى الحسيب ، وقيل : قالت أمه لما وضعته : هذا عتيقك من الموت ، وكان لا يعيش لها ولد ، وقيل : هو اسمه العلم فيمكن أن يكون سبب وصفه له الجمال أو تفاؤلا بالحسب المنيف أو بعدم الموت ، وكل هذه المعهودات ترجع إلى زيادة قوة في معانيها ، وإذا كان العتق لغة القوة فالإعتاق إثبات القوة كما قال في المبسوط : العتق في الشرع خلوص حكمي يظهر في الآدمي عما بيناه سابقا بالرق ، ولا يخفى ثبوت القدرة الشرعية لقدرته على ما لم يكن يقدر عليه ، وشرطه أن يكون المعتق حرا بالغا مالكا ، وحكمه زوال الرق عنه ، وصفته في الاختياري أنه مندوب إليه غالبا ، وقد يكون معصية ، كما إذا غلب على ظنه أنه لو أعتقه يذهب إلى دار الحرب ، أو يرتد ، أو يخاف منه السرقة ، أو قطع الطريق ، وينفذ عتقه مع تحريمه خلافا للظاهرية ، وقد يكون واجبا كالكفارة ، وقد يكون مباحا كالعتق لزيد ، والقربة ما يكون خالصا لله تعالى ، وأما ما روي عن مالك : إذا كان العبد الكافر أغلى ثمنا من العبد المسلم يكون عتقه أفضل من عتق المسلم ، لقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( أفضلها أغلاها ) بالمهملة والمعجمة ، فبعيد عن الصواب ويجب تقييده بالأغلى من المسلمين ; لأنه تمكين للمسلم من مقاصده وتفريغه ، والوجه الظاهر في استحباب عتق الكافر تحصيل الجزية منه للمسلمين ، وأما تفريغه للتأمل فيسلم فهو احتمال ، والله تعالى أعلم وأحكم .
الفصل الأول
3382 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أعتق رقبة ) : الرقبة عضو خاص مما يطلق ويراد به الذات من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل ، في النهاية : الرقبة في الأصل العتق ، فجعلت كناية عن جميع ذات الإنسان تسمية للشيء ببعضه ، فإذا قال : أعتق رقبة فكأنه قال أعتق عبدا أو أمة ، فالمعنى من أعتق نفسا مملوكة ( مسلمة ) : والتقييد بالإسلام ليكون ثوابه أكثر ( أعتق الله ) : ذكر أعتق للمشاكلة والمعنى أنجاه ( بكل عضو منه ) : أي من المعتق ( عضوا ) : أي منه كما في نسخة صحيحة ، وكما في رواية مسلم على ما ذكره العسقلاني والسيوطي أي عضوا كائنا من المعتق ( من النار ) : متعلق بأعتق الثاني أي أنقذه منها ( حتى فرجه ) : بالنصب عطف على ( عضوا ) وما بعد حتى هنا أدون مما قبله كقولهم : حج الناس حتى المشاة ، أي حتى أعتق الله فرجه ( بفرجه ) : أي سواء كان ذكرا أو أنثى . قال الأشرف رحمه الله : إنما خص الفرج بالذكر ، لأنه محل أكبر الكبائر بعد الشرك ، وهو كقولهم : مات الناس حتى الكرام ، فيفيد قوة . قال المظهر : ذكر الفرج تحقير بالنسبة إلى باقي الأعضاء اهـ .