( 1 ) باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب والعتق في المرض
الفصل الأول
3388 - ( عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - عليه الصلاة والسلام - : ( من أعتق شركا ) : بكسر فسكون أي حصة ونصيبا على ما في النهاية ( له في عبد ، وكان له ) : أي للمعتق ( مال يبلغ ثمن العبد ) : أي : قيمة باقية . قال ابن الهمام : المعتبر يسار التيسير ، وهو أن يملك من المال قدر قيمة نصيب الساكت وهو ظاهر الرواية ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد . وفي رواية الحسن : يستثنى الكفاف ، وكذا المنزل والخادم وثياب البدن لابتسار الغني المحرم للصدقة ، كما اختاره بعض المشايخ ; لأن يسار التيسير يعدل النظر من الجانبين جانب المعتق ، وجانب المعتق [ ص: 2219 ] جانب الساكت ; لأن مقصود المعتق القربة وتتميمها بضمانه ، ومقصود الساكت بدل حصته ، وتحقيقها بالضمان أسرع من الاستسعاء ، فكان اعتبار نصاب التيسير أسرع في تحقق مقصوده فوجب ، وهذا في الحقيقة تعليل للنص ، وإلا فصريح النص أوجب الضمان عند مجرد ملك القيمة للحصة ، لأنه المراد بقوله : ( وكان له مال يبلغ ثمن العبد ) باتفاق المتكلمين عليه ، ( قوم العبد عليه ) : أي باقي العبد أو كله ، ووضع المظهر موضع المضمر لئلا يتوهم أنه يجب عليه قيمة العبد جميعا ( قيمة عدل ) : أي : تقويم عدل من المقومين أو المراد قيمة وسط ( فأعطي ) : بصيغة المجهول ( شركاؤه ) : مرفوع على نيابة الفاعل ( حصصهم ) : منصوب على أنه مفعول ثان بكسر الحاء جمع حسن صحيح ( وعتق ) : بالفتح ( عليه العبد ) : وفي نسخة بصيغة المجهول ( وإلا ) : أي : وإن لم يكن له مال يبلغ ذلك الثمن ( فقد عتق منه ) : وفي نسخة عنه ( ما عتق ) : في شرح السنة : فيه دليل على أن من أعتق نصيبه من عبد مشترك بينه وبين غيره وهو موسر بقيمة نصيب الشريك يعتق كله عليه بنفس الإعتاق ولا يتوقف إلى أداء القيمة ، ولا على استسعاء ، ويكون ولاؤه كله للمعتق ، والدليل على أن العتق لا يتوقف على الأداء أنه لو لم يعتق قبل الأداء لما وجبت القيمة ، وإنما تجب على تقدير انتقال أو قرض أو إتلاف ولم يوجد الأخيران فيتعين الأول ، وهو الانتقال إليه ، وإن كان معسرا عتق نصيبه ونصيب الشريك رقيق لا يكلف إعتاقه ولا يستسعى العبد في فكه وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال النووي رحمه الله : من أعتق نصيبه من عبد مشترك قوم عليه باقيه إذا كان موسرا بقيمة باقيه سواء كان العبد مسلما أو كافرا ، وسواء كان الشريك مسلما أو كافرا ولا خيار للشريك في هذا ولا للعبد ولا للمعتق ، بل ينفذ الحكم وإن كرهوه كلهم مراعاة لحق الله تعالى في الحرية . قال ابن الهمام : إذا كان العبد بين شريكين ، وأعتق أحدهما نصيبه عتق أي زال ملكه عنه ، فإن كان المعتق موسرا فشريكه بالخيار إن شاء أعتق نصيبه منجزا أو مضافا إلى مدة الاستسعاء ، وإن شاء استسعى العبد فيها أو ضمن المعتق موسرا قيمة حظه لا معسرا ، والولاء لهما إن أعتقه أو استسعاه ، وللمعتق إن ضمنه ، وإن كان المعتق معسرا فالسعاية فقط والولاء للمعتق ، وقالا : ليس للساكت إلا الضمان مع اليسار والسعاية مع الإعسار ، ولا يرجع على العبد إذا ضمن والولاء للمعتق .
قال صاحب الهداية : وهذه المسألة تبتنى على حرفين . أحدهما : تجزء الإعتاق عنده ، وعدمه عندهما ، فيسعى وهو حر مديون ، والثاني : أن يسار المعتق لا يمنع عنده ، وعندهما يمنع ، لهما فيه أن جميع النصوص التي ظاهرها تجزء الإعتاق كقوله : ( فقد عتق منه ما عتق ) وحديث ( فعليه خلاصه في ماله ) وقوله : ( من أعتق عبدا بينه وبين آخر قوم عليه قيمة عدل لا وكس ولا شطط ، ثم يعتق عليه في ماله إن كان موسرا ) في الصحيحين . وكذا ما انفرد به البخاري عن مسلم ( من أعتق بين اثنين فإن كان موسرا قوم عليه فيعتق ) والتي ظاهرها عدم تجزئه كحديث ابن المليح عن أبيه ، أن رجلا أعتق شقصا له من غلام ، فذكر ذلك لرسول الله - عليه الصلاة والسلام - فقال : ( ليس لله شريك ، وأجاز عتقه ) ، رواه أحمد وأبو داود ، وزاد رزين ( في ماله ) ، وفي لفظ : ( هو حر كله ليس لله شريك ) . وحديث البخاري ، عن ابن عمر : ( من أعتق نصيبا له في مملوك أو شركا له في عبد وكان له من المال ما يبلغ قيمته قيمة العدل فهو عتيق ) كلها تفيد أن حكم الساكت عند يساره التضمين ليس غيره ، ولذا اختار الطحاوي قولهما : ووجه أنه قسم فجعل الحكم عند يساره تضمينه ، وعند إعساره الاستسعاء ، وفي الكافي : جعل فائدة القسمة نفي الضمان لو كان فقيرا ، ولا يخفى أن هذه القسمة كما تفيد نفي الضمان لو كان فقيرا تفيد نفي الاستسعاء لو كان موسرا ( متفق عليه ) : ورواه الأربعة .
[ ص: 2220 ] قال ابن الهمام : الحديث أفاد تصور عتق البعض فقط ، يعني : وهو دليل لأبي حنيفة رحمه الله قال : وفي رواية : ( ورق منه ما رق ) ، ولكن قال أهل هذا الشأن : هي ضعيفة مكذوبة ، وأما قول أيوب : لا ندري أشيء قاله نافع أو هو شيء في الحديث ؟ فلا يضر إذ الظاهر بل الواجب أنه منه إذ لا يجوز إدراج مثل هذا من غير نص قاطع في إفادة أنه ليس من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أن قوله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10362501من أعتق شقصا في مملوكه فخلاصه عليه ماله إن كان له مال ، وإلا قوم عليه غير مشقوق عليه " . أي لا يغلي عليه الثمن أفاد عدم سراية العتق إلى الكل بمجرد عتق البعض ، وإلا لكان قد خلص قبل تخليص المعتق ، وأما ما روي لهما أي لصاحبيه من حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10362502من أعتق نصيبا له في مملوكه أو شركا له في عبد وكان له من المال ما يبلغ قيمة عدل فهو عتق " . وفي لفظ : فقد عتق كله ؟ فإنما يقتضي عتق كله إذا كان له مال يبلغ قيمته ، وليس مدعاهما ذلك ، بل إنه يعتق كله بمجرد إعتاق بعضه كان له مال أو لا . فقد أفادت الأحاديث أن العتق مما يقتصر ، ولا يستلزم وجود السراية ، وإن وردت في العبد المشترك ، واستدل أيضا بدلالة الإجماع ، وهو أن المعتق إذا كان معسرا لا يضمن بالإجماع ، ولو كان إعتاق البعض إعتاق الكل لضمن مطلقا ، كما إذا أتلفه بالسيف أو بالشهادة به لإنسان ، ثم رجع بعد القضاء ، فإنه يضمن موسرا كان أو معسرا ، وحيث ثبت الاقتصار لزم أن يكون المراد بالعتق في قوله : ( فقد عتق منه ما عتق ) زوال الملك ، وهو مروي عن عمر ، وعلي بخلاف ما قيل : إن قول عمر قولهما ، فقد أسند الطحاوي إلى عبد الرحمن بن يزيد قال : كان لنا غلام شهد القادسية ، فأبلى فيها وكان بيني وبين أمي وأخي الأسود ، فأرادوا عتقه ، وكنت يومئذ صغيرا ، فذكر الأسود ذلك nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال : أعتقوا أنتم ، فإذا بلغ عبد الرحمن ورغب فيما رغبتم أعتق ، وإلا فضمنكم أثبت لعبد الرحمن الإعتاق بعد بلوغه بعد أن ثبت في العبد إعتاقهما .