صفحة جزء
3460 - وعنه قال : كسرت الربيع - وهي عمة أنس بن مالك - ثنية جارية من الأنصار ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر بالقصاص ، فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك : لا والله لا تكسر ثنيتها يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أنس ! كتاب الله القصاص " . فرضي القوم وقبلوا الأرش . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " . متفق عليه .


3460 - ( وعنه ) : أي : عن أنس ( قال : كسرت الربيع ) : بضم راء وفتح موحدة وتشديد تحتية مكسورة أي : بنت النضر الأنصارية ، وهي أم حارثة بنت سراقة . قال المؤلف : وقد جاء في صحيح البخاري : أنها أم الربيع بنت النضر ، والذي ذكر في أسماء الصحابيات أنها الربيع وهو الصحيح . ( - وهي عمة أنس بن مالك ) : أي : ابن النضر راوي الحديث ( ثنية جارية ) : بفتح مثلثة وكسر نون وتشديد تحتية واحدة الثنايا مفعول كسرت ، والمراد بالجارية بنت ( من الأنصار ، فأتوا ) : أي : قوم الجارية ( النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر بالقصاص ، فقالأنس بن النضر عم أنس بن مالك : لا والله لا تكسر ) : بصيغة المجهول ( ثنيتها ) : أي : ثنية الربيع ( يا رسول الله ) : قال القاضي : الحديث يدل على ثبوت القصاص في الأسنان ، وقول أنس : لا والله إلخ لم يرد به الرد على الرسول والإنكار بحكمه ، وإنما قاله توقعا ورجاء من فضله تعالى أن يرضي خصمها ويلقي في قلبه أن يعفو عنها ابتغاء مرضاته ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم حين رضي القوم بالأرش ما قال . ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أنس " ) : أي : ابن النضر ( " كتاب الله " ) : أي : حكمه أو حكم كتابه على حذف المضاف ( " القصاص " ) : أي : المماثلة في العدوان فيكون إشارة إلى قوله تعالى : فمن اعتدى عليكم وقوله : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وقوله : والجروح قصاص وإلى قوله : وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس إلى قوله : والسن بالسن إن قلنا بأنا متعبدون بشرع من قبلنا ما لم يرد نسخ في شرعنا . قال الطيبي رحمه الله : " لا " . في قوله لا والله ليس ردا للحكم بل نفيا لوقوعه ، وقوله : والله لا تكسر إخبار عن عدم الوقوع ، وذلك بما كان له عند الله من القربى والزلفى والثقة بفضل الله ولطفه في حقه أنه لا يحنث ، بل يلهمهم العفو ، ويدل عليه ما في رواية : لا والله لا يقتص منها أبدا ( فرضي القوم وقبلوا الأرش ) أي : الدية ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " ) : أي : جعله بارا في يمينه لا حانثا ، فدل على أنه صلى الله عليه وسلم جعله من زمرة عباد الله المخلصين وأولياء الله المصطفين . قال النووي : فيه جواز الحلف فيما يظن الإنسان وقوعه ، وجواز الثناء على من لا يخاف الفتنة بذلك ، واستحباب العفو عن القصاص والشفاعة في العفو ، وأن الخيرة في القصاص والدية إلى مستحقه ، لا إلى المستحق عليه ، وإثبات القصاص بالرجل والمرأة ، ووجوب القصاص في السن وهو مجمع عليه إذا قلعها كلها ، وفي كسر بعضها وكسر العظام خلاف ، فالأكثرون على عدم القصاص اهـ . وعندنا فيه تفصيل محله كتب الفقه . ( متفق عليه ) .

[ ص: 2266 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية