صفحة جزء
3492 - وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنهم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن ، وكان في كتابه : ( أن من اعتبط مؤمنا قتلا فإنه قود يده إلا أن يرضى أولياء المقتول ) وفيه : ( أن الرجل يقتل بالمرأة ) وفيه : ( في النفس الدية مائة من الإبل ، وعلى أهل الذهب ألف دينار ، وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية مائة من الإبل ، وفي الأسنان الدية ، وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية ، وفي الذكر الدية ، وفي العينين الدية ، وفي الرجل الواحدة نصف الدية ، وفي المأمومة ثلث الدية ، وفي الجائفة ثلث الدية ، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل ، وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل ، وفي السن خمس من الإبل ) رواه النسائي ، والدارمي . وفي رواية مالك : ( وفي العين خمسون ، وفي اليد خمسون ، وفي الرجل خمسون ، وفي الموضحة خمس " .


3492 - ( وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه ، عن جده ) : قال المؤلف في فصل التابعين : هو محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم الأنصاري ، سمع أباه . وفي فصل الصحابة عمرو بن حزم يكنى أبا الضحاك الأنصاري ، أول مشاهده الخندق ، وله خمس عشرة سنة ، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على نجران سنة عشر ، روى عنه ابنه محمد وغيره اهـ . وفيه إشكال لا يخفى . ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن وكان في كتابه : ( أن ) : بفتح الهمزة وفي نسخة بكسرها ( من اعتبط ) بعين مهملة وفتحات يقال : عبطت الناقة واعتبطتها إذا ذبحتها من غير علة أي : من قتل بلا جناية . ( مؤمنا قتلا ) : مفعول مطلق لأنه نوع منه أي متعمدا . ( فإنه قود يده ) : بفتح الواو أي : موقود ما جنته يده ( إلا أن يرضى أولياء المقتول ) : أخذ الدية أو يعفون فلا يقتل ، وأصل القود الانقياد سمي القصاص به لما فيه من انقياد الجاني له بما جناه . قال الطيبي : فإنه جواب الشرط ، وكان الظاهر أن يقال : يقتص منه لأنه سبب له فأقيم السبب مقام المسبب ، والاستثناء من المسبب في الحقيقة ، وإلى هذا لمح القاضي بقوله أن يقتل [ ص: 2283 ] قصاصا بما جنته يده فكأنه مقتول يده قصاصا إذ لو لم يجز لما اقتص منه ( وفيه ) : أي : في الكتاب ( إن الرجل يقتل بالمرأة ) وهي مسألة إجماعية وعكسها بالأولى ( وفي النفس ) أي : في قتلها مطلقا ( الدية ) : أي : عند العدول عن القصاص إليها في العمد وهي متعينة لها في الخطأ شبه العمد ( مائة ) : بدل عن الدية ( من الإبل ) : أي : على تفصيل سبق في تقسيم أنواعها ( وعلى أهل الذهب ألف دينار ) : اختلفوا في الدنانير والدارهم هل تؤخذ في الديات أم لا ؟ فقال أبو حنيفة وأحمد : يجوز أخذها في الديات مع وجود الإبل ، ثم عنهما روايتان : هل هي أصل بنفسها أم الأصل الإبل والذهب والدراهم بدل عنها ؟ وقال مالك : هي الأصل بنفسها مقدرة بالشرع ، ولم يعتبرها بالإبل . وقال الشافعي : لا يعدل عن الإبل إذا وجدت إلا بالتراضي ، فإن أعوزت فعنه قولان . الجديد الراجح أنه يعدل إلى قيمته حين القبض زائدة أو ناقصة ، والقديم المعمول به ضرورة أنه يعدل إلى ألف دينار ، أو اثني عشر ألف درهم ، واختلفوا في مبلغ الدية من الدراهم ، فقال أبو حنيفة : عشرة آلاف درهم ، وقال الشافعي وأحمد : اثنا عشر ألف درهم ، كذا في اختلاف الأئمة ، وظاهر الحديث يؤيد أبا حنيفة حيث قال : وعلى أهل الذهب فالتقدير مائة من الإبل على أهل الإبل ، وألف دينار أو ما يقوم مقامها وهو عشرة آلاف درهم على أهل الذهب . ( وفي الأنف إذا أوعب جدعه ) : برفعه على أنه نائب الفاعل أي : استؤصل قطعه بحيث لا يبقى منه ( الدية مائة من الإبل ) قال الشمني : في الأنف سواء قطع الأرنبة أو المارن كل الدية ، والحاصل أن الجناية إذا فوتت منفعة على الكمال أو أزالت جمالا مقصودا في الآدمي على الكمال تجب دية كاملة ; لأن ذلك إتلاف للنفس من وجه ، وإتلاف النفس من وجه ملحق بإتلافها من كل وجه ، أما الأنف فما روى عبد الرزاق في مصنفه ، عن ابن جريج ، عن ابن طاوس أنه قال في الكتاب الذي عندهم : عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأنف : ( إذا قطع مارنه الدية ) وما روى ابن أبي شيبة في مصنفه : عن وكيع ، عن ابن أبي ليلى ، عن عكرمة بن خالد ) عن رجل من آل عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنف : ( إذا استؤصل مارنه الدية ) لأنه أزال بقطع الأرنبة جمالا على الكمال مقصودا ، وبقطع المارن منفعة مقصودة ; لأن منفعة الأنف أن تجتمع الروائح في قصبته لتعلو إلى الدماغ ، وذلك يفوت بقطع المارن ، ولو قطع المارن مع قصبة الأنف وهي عظمة واحدة لا يزاد على دية واحدة وهو قول مالك وأحمد وقال الشافعي : في المارن الدية ، وفي القصبة حكومة عدل ; لأن المارن وحده موجب للدية فتجب الحكومة في الزائد كما لو قطع وحده وقطع لسانه ، ولنا : ما أخرجه البزار في مسنده عن أبي بكر بن عبيد الله بن عمر عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( في الأنف إذا استوعب جدعه الدية ، ولأنه عضو واحد ، فلا يجب فيه أكثر من دية ولو قطع أنفه فذهب شمه فعليه ديتان ; لأن الشم في غير الأنف ، فلا يدخل دية إحدهما في الأخرى ) ( وفي الأسنان ) : أي : جميعها ( الدية ونصف عشر الدية ) : وهو خمس من الإبل ( في قلع كل سن ) : إذا كان خطأ سواء كان ضرسا أو ثنية لما في كتاب عمرو بن حزم أو في السن خمس من الإبل ، ولما سيأتي ، ولأن الكل في أصل المنفعة وهو المضغ سواء ، وبعضها وإن كان فيه زيادة منفعة ، لكن البعض الآخر جمال وهو كالمنفعة في الآدمي ، وإنما قيدنا بالخطأ ; لأن العمد فيه القصاص ، ولو قلع جميع أسنانه تجب ستة عشر ألفا وليس في البدن عضو ديته أكثر من دية النفس سوى الأسنان . وفي الكوسج : تجب أربعة عشر ألفا ; لأن أسنانه تكون ثمانية وعشرين ، وحكي أن امرأة قالت لزوجها : يا كوسج . فقال لها : إن كنت كوسجا فأنت طالق ، فسئل أبو حنيفة عن ذلك ، فقال : تعد أسنانه إن كانت ثمانية وعشرين فهو كوسج ، وعند الشافعي في وجه لو قلع زيادة على عشرين سنا تجب دية كاملة في العشرين ولا يجب في الزيادة شيء ، قلت : هذا هو الظاهر من هذا الحديث . ( وفي الشفتين ) : بفتح أوله ويكسر ( الدية ، وفي البيضتين ) : أي : الخصيتين ( الدية ، وفي الذكر الدية ) : قال الشمني : وفي الحشفة سواء كانت وحدها أو مع الذكر كل الدية لما روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الذكر الدية مائة من الإبل ، إذا استؤصل أو قطعت حشفته ، أخرج البيهقي عن ابن المسيب [ ص: 2284 ] قال : مضت السنة أن في الذكر الدية ، وفي الأنثيين الدية ، ( وفي الصلب ) : بضم أوله أي الظهر قال ابن الملك : أي : في ضربه بحيث انقطع ماؤه ( الدية ، وفي العينين ) : أي : جميعا ( الدية ) قال الشمني : وأما إحدى الحواس ففيها الدية ; لأن كل واحدة منها منفعة مقصودة ، روى ابن أبي شيبة في مصنفه ، عن ابن خالد ، عن عوف الأعرابي . قال : سمعت شيخا في زمان الجماجم ، فنعت نفسه فقيل : ذلك أبو لهب عم أبي قلابة . قال : رمى رجل رجلا بحجر في رأسه في زمان عمر بن الخطاب ، فذهب سمعه وعقله ولسانه ، وذكره ، فلم يقرب النساء فقضى عمر فيها بأربع ديات وهو حي . ورواه عبد الرزاق في مصنفه ، عن سفيان الثوري ، عن عوف به . وفي المبسوط : ويعرف فوات هذه المعاني بتصديق الجاني ، أو نكوله إذا استحلف ويعرف فوات البصر بقول عدلين من الأطباء . ( وفي الرجل الواحدة نصف الدية ) : قال الشمني : تجب الدية كاملة في اثنين مما في البدن منه اثنان كالعينين واليدين والرجلين والشفتين والأذنين والأنثيين ، وفي أحد اثنين مما في البدن منه اثنان نصف الدية لما أخرجه النسائي في سننه ، وأبو داود في مراسيله ، عن أبي بكر بن محمد بن حزم ، عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتابا إلى اليمن فيه الفرائض والسنن والآيات ، وبعث به مع عمرو بن حزم فكان فيه . وفي الشفتين الدية ، وفي البيضتين ، وفي العينين الدية ، وفي العين الواحدة نصف الدية وفي اليد الواحدة نصف الدية ، وفي الرجل الواحدة نصف الدية . ( وفي المأمومة ) : أي : التي تصل إلى جلدة فوق الدماغ تسمى أم الدماغ ، واشتقاق المأمومة منه ( ثلث الدية ، وفي الجائفة ) : أي : الطعنة التي تصل إلى جوف الرأس ، أو البطن ، أو الظهر ، أو الجفنين والاسم دليل على ( ثلث الدية ، وفيالمنقلة ) : بكسر القاف المشددة وهي التي تنقل العظم بعد الشجة أي : تحوله من موضعه ( خمس عشرة من الإبل ) : قال الطيبي رحمه الله : وأمثال هذه التقديرات تعبد محض لا طريق إلى معرفته إلا بالتوقيف ( في كل أصبع ) بتثليث الهمزة والباء ( ومن أصابع اليد والرجل ) أي : أو الرجل ( عشر من الإبل ) : وهو عشر الدية قال الشمني لما أخرجه الترمذي وقال : حسن صحيح وابن حبان في صحيحه . وقال ابن القطان في كتابه : رجال إسناده كلهم ثقات ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دية أصابع اليدين والرجلين سواء عشرة من الإبل لكل أصبع ( وفي السن خمس من الإبل ) رواه النسائي ، والدارمي . وفي رواية مالك : ( وفي العين ) : أي : الواحدة . ( خمسون ) : أي : من الإبل ( وفي اليد ) : أي : الواحدة ( خمسون ، وفي الرجل ) : أي : الواحدة ( خمسون ) : أي : نصف الدية ( وفي الموضحة ) : بكسر الضاد أي : الجراحة التي ترفع اللحم من العظم وتوضحه ( خمس ) : أي : من الإبل ، وروى البيهقي عن عمر رضي الله عنه ولفظه : في الأنف الدية إذا استوعب جدعه مائة من الإبل ، وفي اليد خمسون وفي الرجل خمسون وفي العين خمسون وفي الأمة ثلث النفس وفي الجائفة ثلث النفس ، وفي المنقلة خمس عشرة وفي الموضحة خمس وفي السن خمس ، وفي كل أصبع مما هنالك خمس ، وروى ابن عدي في الكامل ، والبيهقي في الشعب في اللسان : الدية إذا منع الكلام ، وفي الذكر الدية إذا قطعت الحشفة وفي الشفتين الدية .

[ ص: 2285 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية