3561 - ( وعن ابن عباس لما أتى ) أي جاء ( ماعز بن مالك النبي ) وفي نسخة إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ، فقال له : لعلك قبلت ) بتشديد الباء أي فعلت القبلة بالضم ( أو غمزت ) أي لمست كما في رواية من غمزت الشيء بيدي أي لمست بها ، أو أشرت إليه بها ( أو نظرت ) أي قصدت النظر إليها فإن كلا يسمى زنا ( قال : لا يا رسول الله ، قال : أنكتها ) بكسر النون وسكون الكاف أي أجامعتها وهو مقول القول وقوله ( لا يكني ) حال مأخوذ من الكناية ضد التصريح وهو قول الراوي أي قال عليه الصلاة والسلام ذلك مصرحا غير مكن عنه ، وهذا التصريح تصريح في استحباب التعريض بالعفو إذا كنى الجاني ، ولم يصرح ( قال ) أي ابن عباس ( فعند ذلك ) وفي نسخة قال أي ماعز : نعم فعند ذلك ( أمر ) أي النبي صلى الله عليه وسلم ( برجمه ) أي فرجم ، قال النووي : فيه استحباب تلقين المقر بالزنا والسرقة وغيرهما بالرجوع وبما يعتذر به من شبهة ، فيقبل رجوعه ; لأن الحدود مبنية على المساهلة والدرء بخلاف حقوق الآدميين وحقوق الله تعالى المالية كالزكاة والكفارة وغيرهما ; فإنه لا يجوز التلقين فيها ( رواه البخاري ) قال ابن الهمام : وأخرج أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، وعبد الرزاق في مصنفه : nindex.php?page=hadith&LINKID=10362817فأعرض عنه ، فأقبل في الخامسة ، فقال : أنكتها ؟ قال : نعم . قال : حتى ذلك منك في ذلك منها ، قال : نعم . قال : كما يغيب المرود في المكحلة ، والرشاء في البئر قال : نعم قال : فهل تدري ما الزنا ؟ قال : نعم أتيت منها حراما كما يأتي الرجل من امرأته حلالا ، قال : فما تريد بهذا القول ؟ أريد أن تطهرني . فأمر به ، فرجم ، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه : انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب ، فسكت عنهما ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجليه فقال : أين فلان وفلان ؟ فقالا : نحن هذان يا رسول الله فقال : انزلا وكلا من جيفة هذا الحمار ، فقالا : ومن يأكل من هذا يا رسول الله ؟ قال : فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشد من الأكل منه ، والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها .
3562 - ( وعن بريدة قال : جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله طهرني ) أي كن سبب تطهيري من الذنب بإجراء الحد علي ( فقال : ويحك ! ) في النهاية : ويح كلمة ترحم وتوجع يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها ، وقد يقال بمعنى المدح والتعجب وهى منصوبة على المصدر ، وقد يرفع ، ويضاف ، ولا يضاف ، يقال ويح زيد ، وويحا له ، وويح له ( ارجع ) أي عن هذا المقال وعن هذا الكلام ( فاستغفر الله ) أي باللسان ( وتب إليه ) أي بالجنان ، والمراد بالاستغفار التوبة ، وبالتوبة المداومة والاستقامة عليها ( قال : فرجع غير بعيد ) أي غير زمان بعيد كقوله تعالى فمكث غير بعيد ذكره الطيبي والأظهر غير مكان بعيد أو رجوعا غير بعيد بمعنى غيبة غير بعيدة ( ثم جاء ، فقال : يا رسول الله طهرني ) ولعله لم يقدر على تطهير نفسه بالتوبة الصحيحة ، والرجعة النصيحة ( فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ) ويحك إلخ ( حتى إذا كانت الرابعة ) أي ، وقال طهرني ( فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : فيم أطهرك ) قال الطيبي : وفي نسخ المصابيح : مم أطهرك ؟ وفي نسخة : بم أطهرك ؟ والرواية الأولى في صحيح مسلم وكتاب الحميدي قال النووي : فيم بالفاء والياء التحتية بنقطتين في جميع النسخ وهو صحيح وفيه معنى التسبب ( قال : من الزنا ) أي من ذنبه بإقامة الحد ، قال الطيبي : ما يسأل بها عن عموم الأحوال ومن ابتدائية في الجواب مضمنة معنى السبب ; لأنها لإنشاء الابتداء ، فخصت ما به ليطابقها كأنه قيل في أي سبب أطهرك ؟ وأجاب بسبب الزنا ، ونظيره في المعنى قوله تعالى قل من رب السماوات السبع ورب العرش [ ص: 2335 ] العظيم سيقولون لله ) ; لأن في قوله ( من رب السماوات ) معنى المالكية كأنه قيل لمن السماوات والأرض ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي لأصحابه ( أبه جنون فأخبر ) بصيغة المجهول أي فأخبروه ( أنه ليس بمجنون ، فقال : أشرب خمرا ، فقام رجل فاستنكهه ) أي طلب نكهته من رائحة فمه ليعلم أشارب هو أم غير شارب ( فلم يجد منه ريح خمر ، فقال : أزنيت ؟ قال : نعم ، فأمر به ) أي برجمه ( فرجم ، فلبثوا يومين ) أي بعد رجمه ( أو ثلاثة ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : استغفروا لماعز بن مالك ) أي اطلبوا له مزيد المغفرة وترقي الدرجة ( لقد تاب توبة ) أي من ذنبه هذا ( لو قسمت ) أي ثوابها ( بين أمة ) أي جماعة من الناس ( لوسعتهم ) بكسر السين ، قال الطيبي : أي لكفتهم سعة يعني توبة تستوجب مغفرة ورحمة تستوعبان جماعة كثيرة من الخلق يدل قوله في الغامدية : لقد تابت توبة لو تابها صاحب - - مكس لغفر له فإن قلت : فإذا ما فائدة استغفروا لماعز ؟ قلت : فائدة قوله ( إذا جاء نصر الله ) إلى قوله : واستغفروا ، وقوله تعالى : ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ) فإن الثاني طلب مزيد الغفران وما يستدعيه من الترقي في المقامات والثبات عليها ، ومنه قوله تعالى : ( واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه ) ( ثم جاءته امرأة من غامد ) بغين معجمة قبيلة من اليمن ( من الأزد ) قبيلة كبيرة ، قال ابن الهمام : الغامدية من بني غامد حي من الأزد قاله المبرد في الكامل ، وفي كتاب أنساب العرب غامد بطن من خزاعة ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين أتت امرأة من جهينة ( فقالت : يا رسول الله طهرني ، فقال : ويحك ! فاستغفري الله ، وتوبي إليه ، فقالت : تريد أن ترددني ) أي ترجعني ( كما رردت ماعز بن مالك إنها حبلى من الزنا ) . قال ابن الهمام : الزنا مقصور في اللغة الفصحى لغة أهل الحجاز التي جاء بها القرآن ( ولا تقربوا الزنا ) ويمد في لغة نجد وعليها قال nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق
أبا طاهر من يزن يعرف زناؤه ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا بفتح الكاف وتشديدها من السكر والخرطوم من أسماء الخمر قال الطيبي : قوله إنها حبلى جملة مستأنفة بيان لموجب قياس حالها على حال ماعز والعلة غير جامعة ، فكأنها قالت : إني غير متمكنة من الإنكار بعد الإقرار لظهور الحبل بخلافه ، وقوله : إنها حبلى على الغيبة حكاية معنى ، وقولها : إني حبلى يدل على الجواب ( فقال : أنت ؟ ) وفي نسخة بالمد على الاستفهام لأنه تقرير لما تكلمت به ( قالت : نعم . قال لها : حتى ) أي اصبري إلى أن ( تضعي ) وقال الطيبي : غاية لجواب قولها : طهرني أي لم أطهرك حتى تضعي ( ما في بطنك ) قال ابن الملك : فيه أن الحامل لا يقام عليها الحد ما لم تضع الحمل لئلا يلزم إهلاك البريء بسبب المذنب سواء كانت العقوبة لله تعالى أو للعباد ( قال ) أي الراوي ( فكفلها ) بالتخفيف أي قام بمؤنتها ومصالحها ( رجل من الأنصار حتى وضعت ) قال النووي : وليس هو من الكفالة التي بمعنى الضمان لأنها غير جائزة في حدود الله ( فأتى ) أي الرجل ( النبي صلى الله عليه وسلم ) أي بعد مدة ( فقال : قد وضعت الغامدية ) أي فما الحكم فيها ؟ ( فقال : إذا ) بالتنوين ( لا نرجمها ) [ ص: 2336 ] بالنصب وفي نسخة بالرفع ( وتدع ولدها ) بالوجهين ، قال الطيبي : إذا هو جواب وجزاء يعني إذا وضعت الغامدية فلا ترجمها ، وتترك ولدها ( صغيرا ليس له من يرضعه ) بضم الياء وكسر الضاد ( فقام رجل من الأنصار ، فقال : إلي رضاعه ) بفتح الراء وكسر أي رضاعه موكول إلي ( يا نبي الله قال : ) أي الراوي ( فرجمها ) أي فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها ، فرجمت ( وفي رواية أنه قال لها : اذهبي حتى تلدي . فلما ولدت ، قال : اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه ) بفتح التاء وكسر الطاء وسكون الياء أي تفصلينه من الرضاع ( فلما فطمته أتته بالصبي ) حال من فاعل أتته ، وضمير المفعول راجع إليه صلى الله عليه وسلم ( في يده ) وفي نسخة وفي يده ( كسرة خبز ) الجملة حال من الصبي فإنه مفعول ( فقالت : هذا ) أي ولدي ( يا نبي الله قد فطمته ، وقد أكل الطعام ) فيه أن رجم الحامل يؤخر إلى أن يستغني عنها ولدها إذا لم يوجد من يقوم بتربيته ، وبه قال أبو حنيفة في رواية ( فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ) قال النووي : الرواية الأخيرة مخالفة للأولى ، فإن الثانية صريحة في أن رجمها كان بعد الفطام وأكل الخبز ، والأولى ظاهرة في أن رجمها عقيب الولادة فوجب تأويل الأولى لصراحة الثانية لتتفقا ؛ لأنهما في قضية واحدة والروايتان صحيحتان ، فقوله في الأولى : فقام رجل من الأنصار ، فقال : إلي رضاعه إنما قاله بعد الفطام ، وأراد بالرضاعة كفالته وتربيته سماها رضاعا مجازا ، قال ابن الهمام : والطريقان في مسلم ، وهذا يقتضي أنه رجمها حين فطمت بخلاف الأول ، فإنه يوجب أنه رجمها حين وضعت ، وهذا أصح طريقا ; لأن في الأول بشير بن المهاجر وفيه مقاتل وقيل : يحتمل أن يكون امرأتين ، ووقع في الحديث الأول نسبتها إلى الأزد وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين : جاءت امرأة من جهينة ، وفيه رجمها بعد أن وضعت . قال الطيبي : ويحتمل أن يقال : معنى قوله : إلي رضاعه أي إني أتكفل مؤنة المرضعة لترضع ولدها كما كفل الرجل مؤنتها حين كانت حاملا ، فإذا الفاء في قوله : فرجمها فصيحة أي سلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ولدها فأرضعته حتى فطمته ، وأتته به في يده كسرة خبز ، فدفع الصبي إلى غيرها ( ثم أمر بها ) أي برجمها ( فحفر لها إلى صدرها ) بصيغة المجهول وهو يحتمل أن يكون بأمر منه صلى الله عليه وسلم ولهذا قال صاحب الهداية : إن ترك الحفر لم يضر ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك . اه والظاهر أنه بأمره أو بتقديره فيستحب الحفر لها على ما سبق . ولذا قال ابن الهمام : يعني لم يوجبه بناء على أن حقيقة الأمر هو الإيجاب ، وقال : إنه عليه الصلاة والسلام حفر للغامدية ، ومعلوم أنه ليس المراد إلا أنه أمر بذلك فيكون مجازا عن أمر ( وأمر الناس فرجموها ) ولا يلزم منه عدم حضوره في رجمها بل الظاهر وجوده حينئذ لما سيأتي من قوله عليه الصلاة والسلام لخالد بعد سبه إياها ، ولما رواه أبو داود عن زكريا بن عمران قال : سمعت شيخا يحدث عن ابن أبي بكرة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=10362819رجم الغامدية ، فحفر لها إلى الثندوة . ثم ذكر إسنادا آخر ، وزاد : ثم رماها بحصاة مثل الحمصة وقال : ارموا ، واتقوا الوجه ، فلما طفئت ، أخرجها ، وصلى عليها ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي والطبراني والبزار ، وفيهم مجهول ، قال ابن الهمام : وأنت تعلم أنه لو تم أمر هذا الحديث بالصحة لم يكن فيه دليل على اشتراط على ما هو المذهب ، فالمعول عليه ما روى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله بن إدريس ، عن يزيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عليا كان إذا شهد عنده الشهود على الزنا أمر الشهود أن يرجموا ، ثم يرجم هو ، ثم يرجم الناس ، فإن كان بإقرار بدأ هو فرجم ، ثم رجم الناس ، قال : وحدثنا أبو خالد الأحمري ، عن الحجاج ، عن الحسن بن سعد ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، عن علي قال : أيها الناس إن الزنا زناآن زنا السر وزنا العلانية ، فزنا السر يشهد الشهود ، فيكون الشهود أول من يرمي ثم الإمام ثم الناس ، وزنا العلانية أن يظهر الحبل أو الاعتراف فيكون الإمام أول من يرمي ، قال : وفي يده ثلاثة أحجار فرماها بحجر ، فأصاب صدغها ، فاستدارت ، ورمى الناس ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في مسنده عن الشعبي ، قال : كان لشراحة زوج غائب بالشام ، وأنها حملت فجاء بها مولاها ، فقال : إن هذه زنت ، فاعترفت فجلدها يوم الخميس ، ورجمها يوم الجمعة ، وحفر لها إلى السرة وأنا شاهد ، ثم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10362820إن الرجم سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان [ ص: 2337 ] شهد على هذه أحد لكان أول من يرمي الشاهد يشهد ثم يتبع شهادته حجره ، ولكنها أقرت فأنا أول من يرميها ، فرماها بحجر ، فرماها الناس . ورواه البيهقي ، عن الأجلح ، عن الشعبي ، عن علي وفيه أنه قال لها : لعله وقع عليك وأنت نائمة ، قالت : لا . قال : لعله استكرهك . قالت : لا . قال : فأمر بها ، فحبست فلما وضعت ما في بطنها أخرجها يوم الخميس ، فضربها مائة ، وحفر لها يوم الجمعة في الرحبة ، وأحاط الناس بها . الحديث وفيه أيضا أنه صفهم ثلاثة صفوف ، ثم رجمها ، ثم أمرهم ، فرجم صف ثم صف ثم صف ( فيقبل ) من الإقبال والمضارع لحكاية الحال ( nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد بحجر ) قال التوربشتي : يروى هذا اللفظ بالياء ذات النقطتين من تحت بين يدي القاف واللام على زنة الماضي من التقبيل وليس بشيء معنى ، ورواية وإنما أتاهم الغلط من حيث أن الراوي أتى به على بناء المضارع من الإقبال كأنه يريد حكاية الحال الماضية ، وروى أنه لو كان من الإقبال لأتى به على زنة الماضي لكونه أشبه بنسق الكلام ، وصحح القاضي هذه الرواية ، وقال : وفي بعض النسخ فتقيل بالياء على صيغة الماضي من التقيل وهو التبع أي تبعها بحجر ( فرمى رأسها ) قال الطيبي : قد تقرر في علم المعاني أن القصة إذا كانت عجيبة الشأن يعدل من الماضي إلى المضارع لتصوير تلك الحالة مشاهدة واستحضارا ليتعجب السامع منها ولا ارتياب أن قصة خالد وما قاله النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : مهلا . ومن تمثيل توبتها بتوبة العشار مما يتعجب منها ، ويستغرب فيها قلت : فعلى هذا كان ينبغي أن تكون الأفعال المذكورة كلها بالصيغة المضارعة فتأمل ( فتنضح ) بتشديد الضاد المعجمة ( الدم على وجه خالد ) قال النووي : روي بالحاء المهملة وبالمعجمة ، والأكثرون على المهملة ، والمعنى ترشش ، وانصب وفي النهاية : النضح قريب من النضخ ، وقيل : بالمعجمة الأثر يبقى في الثوب والجسد وبالمهملة الفعل نفسه ، وقيل : هو بالمعجمة ما فعل تعمدا وبالمهملة من غير تعمد ( فسبها ) أي فشتمها ( خالد فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مهلا ) أي أمهل مهلا أي ارفق رفقا فإنها مغفورة فلا تسبها ( فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة ) أي ندمت ندامة ، أو رجعت إلى حكم الله رجعة ( لو تابها ) لو تاب توبتها ( صاحب مكس ) بفتح الميم وأصله الجناية ويطلق على الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشار ( لغفر له ) قال النووي : فيه أن المكس من أعظم الذنوب والمعاصي الموبقات وذلك لكثرة مطالبة الناس ومظلماتهم عنده لتكرر ذلك منه ، وأخذ أموال الناس بغير حقها ، وصرفها في غير وجهها ، قلت : وهو من أقبح أنواع الظلم فإنه يأخذ المال الذي شقيق الروح في وقت ضيق قهرا من غير وجه شرعي ولا طريق عرفي بل يتعدى على المسلمين زيادة على مصطلح الكافرين ، والعجب كل العجب من علماء زماننا ومشايخ أواننا إنهم يقبلون منهم هذا المال ويصرفونه في تحصيل المنال ، ولا يتأملون في المال نسأل الله تعالى العافية والرزق الحلال ، وسن الأعمال ( ثم أمر ) أي الناس ( بها ) أي بالصلاة عليها ( فصلي ) بصيغة المجهول ، ونائبه قوله : ( عليها ) وفي نسخة بصيغة الفاعل وهو النبي صلى الله عليه وسلم أو المأمور بالصلاة عليها ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : هي بفتح الصاد واللام عند جماهير رواة صحيح مسلم ، وعند الصبري بضم الصاد ، قال : وكذا هو في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، وأبى داود كذا نقله النووي ، فينبغي أن يجعل فصلى بصيغة الفاعل أصلا ، ويكون المراد بقوله : ثم أمر بها أي بتجهيزها من غسلها ، وتكفينها ، وإحضارها ، ويؤيده ما في رواية مسلم أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم ، فرجمت ، ثم صلى عليها ، فقال له عمر : تصلي عليها نبي الله ، وقد زنت ؟ فهذه الرواية صريحة في أنه النبي صلى الله عليه وسلم . وفي رواية لأبي داود : ثم أمرهم أن يصلوا عليها ، وهذه الرواية لا تنافي الأولى ، فتحمل على الجمع بينهما . قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : ولم يذكر مسلم صلاته عليه الصلاة والسلام على ماعز ، وقد ذكرها البخاري اه .
ولا شك أن المثبت مقدم على النافي وزيادة الثقة مقبولة ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ، وكان أرباب النسخ المعتمدة في المشكاة لما رأوا أن الروايات اختلفت في أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليها أم لا اختاروا ضبط لفظه ( صلي ) بصيغة المجهول ليشمل الاحتمالين ، لكنه موهم ، فالأولى متابعة الجمهور موافقة النقل المشهور . ( ودفنت ) : قال النووي : اختلفوا في الصلاة على المرجوم ، وكرهها مالك وأحمد للإمام ، ولأهل الفضل دون باقي [ ص: 2338 ] الناس ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وآخرون : يصلي عليه الإمام ، وأهل الفضل في غيره ، واتفقوا على الصلاة على الفساق والمقتولين في المحاربة والحدود وأولاد الزنا ، سوى قتادة فإنه منع من أن يصلى على أولاد الزنا . وفي الحديث دليل على أن الحد يكفر ذنب المعصية التي حد بها . فإن قيل : ما بال ماعز والغامدية لم يقنعا بالتوبة ، وهي محصلة لغرضها من سقوط الإثم ، فأصرا على الإقرار ، فرجمها ؟ . فالجواب : أن تحصيل البراءة بالحد متيقن لاسيما بمشاهدة الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، وأما التوبة فيخاف أن لا تكون نصوحا ، وأن يخل بشيء من شروطها ، وفيه احتجاج لأصحاب مالك وجمهور الحجازيين ، أنه يحد من وجد فيه ريح الخمر ، وإن لم تقم عليه بينة ، ولم يقر ، ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأبى حنيفة أنه لا يحد بمجرد الريح ، بل لا بد من بينة وإقرار ، وفيه أنه لا ترجم الحبلى حتى تضع ، سواء كان حملها من زنا أو غيره ، لئلا يقتل البرئ من الذنب ، وكذا لا تجلد ، وأنه إن وجب عليها قصاص وهي حامل لا يقتص منها حتى تضع حملها وترضع ولدها . ( رواه مسلم ) .