باب الإمارة والقضاء الإمارة بكسر الهمزة الإمرة وقد أمره إذا جعله أميرا كذا في المغرب ، وأما الأمارة بالفتح فمعناها العلامة ، والمراد بالقضاء هنا الحكم الشرعي .
الفصل الأول
3661 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أطاعني فقد أطاع الله ) هذا مقتبس من قوله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله ( ومن عصاني قد عصى الله ) هذا مأخوذ من قوله عز وجل ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم ( ومن يطع الأمير ) ظاهره الإطلاق ويمكن أن يكون التقدير : أميري ( فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني ) في الحديث دلالة على صحة الخلافة والنيابة قيل : كانت قريش ومن يليهم من العرب لا يعرفون الإمارة ولا يدينون لغير رؤساء قبائلهم ، فلما جاء الإسلام وولي عليهم الأمراء أنكرته نفوسهم وامتنع بعضهم من الطاعة ، فقال لهم صلى الله عليه وسلم ليعلمهم أن طاعتهم مربوطة بطاعته وعصيانهم منوطة بعصيانه ليطيعوا من ولي عليهم من الأمراء ( فإنما الإمام ) أي الخليفة أو أميره ( جنة ) بضم الجيم أي كالترس فهو تشبيه بليغ ( يقاتل ) بصيغة المجهول ( من ورائه ) بكسر الميم ( ويتقى به ) بيان لكونه جنة أي يكون الأمير في الحرب قدام القوم ليستظهروا به ويقاتلوا بقوته كالترس للمتترس ، والأولى أن يحمل على جميع الأحوال ; لأن الإمام يكون ملجأ للمسلمين في حوائجهم دائما ، قال الطيبي : قوله ( يتقى به ) بيان لقوله ( يقاتل من ورائه ) ، والبيان مع المبين تفسير لقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=10363012وإنما الإمام جنة . قال النووي : أي هو كالساتر ; لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين ، ويمنع الناس بعضهم من بعض ، ويحمي بيضة الإسلام ، ويتقيه الناس ويخافون سطوته ، ومعنى ( يقاتل ) و ( من ورائه ) أن يقاتل معه الكفار والبغاة والخوارج وسائر أهل الفساد وينصر عليهم ( فإن أمر ) أي الإمام ( بتقوى الله وعدل ) أي قضى بحكم الله ( فإن له بذلك أجرا ) أي عظيما ( وإن قال ) أي في الأمر والحكم ( بغيره ) أي بغير ما ذكر من التقوى والعدل في شرح السنة قوله ( قال ) أي حكم ، يقال : قال الرجل إذا حكم ومنه القيل وهو [ ص: 2392 ] الملك الذي ينفذ قوله وحكمه وقال التوربشتي : أي أحبه وأخذ به إيثارا له وميلا إليه وذلك مثل قولك : فلان يقول بالقدر ، وما أشبهه والمعنى أنه يحبه ويؤثره ، وقال القاضي : أي أمر بما ليس فيه تقوى ولا عدل ، بدليل أنه جعل قسيما فإن أمر بتقوى الله وعدل ويحتمل أن يراد به القول المطلق أو أعم منه وهو ما يراه ويؤثره من قولهم : فلان يقول بالقدر ، أي وإن رأى غير ذلك وآثره قبولا كان أو فعلا ليكون مقابلا لقسيمه بقطريه وما سد الطرق المخالفة المؤدية إلى هيج الفتن المردية ( فإن عليه ) أي وزرا ثقيلا ( منه ) أي من صنيعه ذلك فمنه جار ومجرور وأما ما وقع في نسخ المصابيح وبعض نسخ المشكاة ( منة ) بضم الميم وتشديد النون المفتوحة وتاء التأنيث فتحريف وتصحيف ; لأنها بمعنى القوة ولا وجه لها هنا .
قال الطيبي رحمه الله : عليه كذا وجدنا منه بحرف الجر في الصحيحين وكتاب الحميدي وجامع الأصول وقد وجدناه في أكثر نسخ المصابيح : منة . بتشديد النون على أنه كلمة واحدة ، وهو تصحيف غير محتمل لوجه هنا ، قال القاضي : فإن عليه منه ، أي وزرا ثقيلا وهو في الأصل مشترك بين القوة والضعف ، قال النووي : فيه حث على السمع والطاعة في جميع الأحوال وسببها اجتماع كلمة المسلمين ; فإن الخلاف سبب لفساد أحوالهم في دينهم ودنياهم . اهـ ويستثنى من جميع الأحوال حال المعصية لما يستفاد من صدر الحديث ولما سيأتي في بعض الأحاديث المصححة ( متفق عليه ) .