صفحة جزء
3811 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما تعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا : يا رسول الله ! من قتل في سبيل الله فهو شهيد . قال :

إن شهداء أمتي إذا لقليل : من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات في الطاعون فهو شهيد ، ومن مات في البطن فهو شهيد
" . رواه مسلم .


3811 - ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما تعدون ) : بتشديد الدال ; أي ما تحسبون ( الشهيد منكم ؟ ) : قيل : عد ملحق بظن معنى وعملا على ما قال ابن الملك : فالشهيد مفعول أول ، وما استفهامية مفعول ثان والمراد السؤال عن الوصف ; أي بأي وصف تنال مرتبة الشهادة ؟ وقال التوربشتي : ( ما ) استفهامية ، ويسأل بكلمة ما عن جنس ذات الشيء ونوعه ، وعن صفات جنس الشيء ونوعه ، وقد يسأل بها عن الأشخاص الناطقين ، ولما كانت حقيقة الاستفهام هنا السؤال عن الحالة التي ينال بها المؤمن رتبة الشهادة استفهم عنها بكلمة ( ما ) لتكون أدل على وصفها ، وعلى المعنى المراد منها ، ثم إنها مع ذلك لما كانت تسد مسد ( من ) ( قالوا : يا رسول الله ! من قتل في سبيل الله فهو شهيد ) : قال الطيبي : ( ما ) هنا سؤال عن وصف من له كرامة وقرب عند الله تعالى قال الله تعالى : ( والشهداء عند ربهم ) فيشمل على ما ذكره صلوات الله عليه [ ص: 2469 ] وسلامه من قوله : ( إن شهداء أمتي إذا لقليل ) : وكان يكفي على ظنهم أن يقولوا من قتل في سبيل الله فأطنبوا وأتوا في الخبر بالفاء دلالة على أن أصله الموصول علة للخبر ، فخصوا ما أريد العموم فيه والأظهر أنه كان السؤال عن أصناف الشهيد الشامل للحقيقي والحكمة ، كما يشير إليه لفظة تعدون ، فلما حصروه في الحقيقي قال : ( إن شهداء أمتي إذا لقليل ) . ( من قتل في سبيل الله فهو شهيد ) : أي حقيقة لا شبهة فيه ( ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ) : أي ; أيضا لكن حكما لقوله تعالى : ( ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ) وأيضا إنما الأعمال بالنيات ، ونية المؤمن خير من عمله . وقد سبق حديث : " من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه " . ( ومن مات في الطاعون فهو شهيد ) : لأنه مقتول الجن على ما ورد به الخبر ( ومن مات في البطن فهو شهيد ) : في شرح مسلم : المبطون صاحب داء البطن وهو الإسهال . قال القاضي عياض رحمه الله : وقيل هو الذي به الاستسقاء وانتفاخ البطن ، وقيل : الذي يموت بداء بطنه مطلقا اه . ولعل كونه شهيدا ; لأن الغالب فيه أن يموت حاضر القلب منكشفا عند الموت . قال القاضي البيضاوي : الشهيد فعيل من الشهود . بمعنى مفعول ; لأن الملائكة تحضره وتبشره بالفوز والكرامة ، أو بمعنى فاعل ; لأنه يلقى ربه ويحضر عنده ، كما قال تعالى : ( والشهداء عند ربهم ) ، أو من الشهادة فإنه بين صدقه في الإيمان والإخلاص في الطاعة ببذل النفس في سبيل الله ، أو يكون تلو الرسل في الشهادة على الأمم يوم القيامة ، ومن مات في الطاعون ، أو بوجع في البطن ملحق بمن قتل في سبيل الله لمشاركته إياه في بعض ما ينال من الكرامة بسبب ما كابده من الشدة لا في جملة الأحكام والفضائل اه .

وقد جمع شيخ مشايخنا الحافظ جلال الدين السيوطي ما ورد من أنواع الشهادة الحكمية في كراسة منهم : الغريق والحريق والمهدوم والغريب والمرابط ، ومن مات يوم الجمعة ، أو ليلته وغير ذلك ، والمعنى أنهم يشاركون الشهداء في نوع من المئويات التي يستحقها الشهداء لا المساواة في جميع أنواعها ( رواه مسلم ) : وأخرج الطبراني في الكبير ، عن سلمان أن : النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما تعدون الشهيد فيكم ؟ " قالوا : الذي يقتل في سبيل الله . قال : " إن شهداء أمتي إذا لقليل . القتل في سبيل الله شهادة والطاعون شهادة ، والنفساء شهادة ، والحرق شهادة ، والغرق شهادة ، والسل شهادة ، والبطن شهادة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية