صفحة جزء
3812 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من غازية ، أو سرية ، تغزو وتسلم ، إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم . وما من غازية ، أو سرية ، تخفق وتصاب إلا تم أجورهم . رواه مسلم .


3812 - ( وعن عبد الله بن عمرو : بالواو رضي الله عنه ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما من غازية ) : أي : قطعة من الجيش ، أو جماعة تغزو ( أو سرية ) : هي أربعمائة رجل ، وفي ذكرهما إشارة إلى أن الحكم ثابت في القليل والكثير من الغزاة ، فأو للتنويع ، وقيل ، أو للشك من الراوي ( تغزو فتغنم وتسلم إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم ) : بضم اللام ويسكن قال القاضي : المعنى أن من غزا الكفار فرجع سالما غانما فقد تعجل ، فاستوفى ثلثي أجره ، وهما السلامة والغنيمة في الدنيا ، وبقي له ثلث الأجر يناله في الآخرة بسبب ما قصد بغزوه محاربة أعداء الله تعالى ( وما من غازية ، أو سرية ، تخفق ) : من الإخفاق ; أي : تغزو ولا تغنم ( وتصاب ) : أي : بجرح ، أو بقتل ، أو تصيبه مصيبة ( إلا تم أجورهم ) : قال القاضي : والمعنى من غزا في نفسه بقتل ، أو جرح ولم يصادف غنيمة فأجره باق بكماله لم يستوف منه شيئا فيوفر عليه بتمامه في الآخرة . قال الطيبي : ولفظ تعجلوا يستدعي أن يكون لكل غاز في نزواته ثواب ، فمن أصاب السلامة والغنيمة استوفى ثلثي ثوابه في الدنيا بدل ما كان له في الآخرة ، وإليه الإشارة بقوله تعجل ومن لم يغنم وقتل أتم أجره حيث لم يتعجل بشيء بقي قسمان من سلم ، وأخفق فقد تعجل بثلثه وبقي له ثلثان في الآخرة ، ومن رجع مجروحا يقسم على هذا التقسيم بحسب جرحه إن الله لا يضيع أجر المحسنين اه .

[ ص: 2470 ] ويمكن أن يكون المراد بالرجوع سالما رجوعه حيا ، فلا يحتاج إذا إلى التقسيم بحسب الجراحة . قال ابن الملك : الغازي إذا أصاب غنيمة وسلم ، فقد أصابه شيئان من ثمرات الغزو ، وبقي له دخول الجنة ، فصح أنه قد تعجل ثلثي الأجر ، فعلى هذا تكون سلامة النفس وحصول المغنم من أجزاء أجر الغزو اه . وفي كون السلامة من أجزاء الثواب محل بحث ، اللهم إلا أن يقال قصد الغازي في مسيره ثلاثة أشياء : إما الشهادة ، وإما الغنيمة ، وإما السلامة فقط ، فقوله وتسلم بعد قوله تغنم قيد واقعي يلزم من وجوده وجوده ، ولهذا ورد بحذفه في حديث رواه أحمد ومسلم وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن ابن عمرو ، ولفظه : " ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث ، فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم " ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية