صفحة جزء
3930 - وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ، ثم قام في الناس فقال : " يا أيها الناس ! لا تتمنوا لقاء العدو ، واسألوا الله العافية ، فإذا لقيتم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " ، ثم قال : " اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم " متفق عليه .


3930 - ( وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه التي لقي فيها العدو ) : أي : الكفار في الغزو ( انتظر حتى مالت الشمس ) : أي : ليطلب الوقت ، ويؤدي الصلاة ( ثم قام ) : أي : خطيبا ( في الناس ) : أي : فيما بينهم ، أو لأحدهم ( فقال : يا أيها الناس ) : ولعل العدول عن يا أيها المؤمنون ليعم المنافقين ( لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية ) : أي : اطلبوه كفاية شر الأعداء ( فإذا لقيتم فاصبروا ) : أي : على البلاء . قال النووي : وإنما نهى عن تمني لقاء العدو لما فيه من صورة الإعجاب ، والاتكال على النفس ، والوثوق بالقوة ، وأيضا هو يخالف الحزم والاحتياط ، وأول بعضهم النهي في صورة خاصة ، وهي إذا شك في المصلحة في القتال ، ويمكن حصول ضرر ، وإلا فالقتال كله فضيلة وطاعة ، والأول هو الصحيح . ( واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) : أي : كون المجاهد بحيث تعلوه سيوف الأعداء سبب للجنة ، أو المراد سيوف المجاهدين ، وإنما ذكر السيوف ; لأنها أكثر آلات الحروب . وفي النهاية : وهو كناية عن الدنو من الضرب في الجهاد ، حتى يعلوه السيف ويصير ظله عليه ، والظل الفيء الحاصل من الحاجز بينك وبين الشمس ; أي شيء كان ، وقيل : هو مخصوص بما كان منه إلى زوال الشمس ، وما كان بعده فهو الفيء ، وقال النووي : معناه ثواب الله ، والسبب الموصل إلى الجنة عند الضرب بالسيوف ، ومشي المجاهدين في سبيل الله فاحضروا فيه بصدق النية واثبتوا .

( ثم قال : اللهم منزل الكتاب ) : أي : جنسه ، أو القرآن ( ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب ) : أي : أصناف الكفار السابقة من قوم نوح وثمود وعاد وغيرهم ( اهزمهم ) : أي : هؤلاء الكفار بحولك ونصرك ( وانصرنا عليهم ) : أي : ليكون لنا أجر الغزو بسبب المباشرة ، قال الطيبي : وفي قوله : انتظر حتى مالت الشمس إشارة إلى الفتح والنصرة ; لأنه وقت هبوب الرياح ونشاط النفوس ، وقالوا سببه فضيلة أوقات الصلاة والدعاء عندها ، والوجه الجمع بينهما لما نص عليه في الحديث الآخر المخرج في البخاري من طريق النعمان بن مقرن قال : شهدت القتال مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تهب الأرياح وتحضر الصلاة . وفي رواية أبي داود : حتى تزول الشمس ، وتهب الرياح ، وينزل النصر ، قال التوربشتي : ومصداق ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " نصرت بالصبا " وفيه استحباب الدعاء والاستغناء عند القتال . ( متفق عليه ) : ورواه أبو داود ، وفي رواية للشيخين : " اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ، اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم " .

[ ص: 2531 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية