صفحة جزء
3943 - وعن الصعب بن جثامة رضي الله عنه ، قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أهل الديار يبيتون من المشركين ، فيصاب من نسائهم وذراريهم ، قال : " هم منهم " . وفي رواية : " هم من آبائهم " . متفق عليه .


3943 - ( وعن الصعب بن جثامة ) : بتشديد المثلثة قال المؤلف : هو ليثي كان ينزل ودان والأبواء من أرض الحجاز ، حديثه في الحجازيين ، روى عنه ابن عباس وغيره ، مات في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ( قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أهل الديار ) : وفي نسخة عن أهل الدار . قال ابن الملك : المراد بأهل الديار كل قبيلة اجتمعت في محلة باعتبار أنها تجمعها وتدور حولهم ( يبيتون ) : هو على صيغة المجهول حال من أهل الدار ، وقوله : ( من المشركين ) : حال أخرى ومن بيانية ذكره الطيبي ، وفي النهاية : أي يصابون ليلا وتبييت العدو هو أن يقصد [ ص: 2537 ] بالليل من غير أن يعلم ، فيؤخذ بغتة وهو البيات ( فيصاب ) : أي بالقتل والجرح ( من نسائهم وذراريهم ) : في شرح مسلم : الذراري بالتشديد أفصح وهي النساء والصبيان اهـ . والمراد هنا الأطفال والولدان من الذكور والإناث ( قال : هم منهم ) : أي النساء والصبيان من الرجال يعني أنهم في حكمهم إذا لم يتميزوا ، فالنهي محمول على التشخيص . قال ابن الهمام : وفي لفظ هم من آبائهم فيجب دفعا للمعارضة حمله على مورد السؤال وهم المبيتون ، وذلك أن فيه ضرورة عدم العلم والقصد إلى الصغار بأنفسهم ; لأن التبييت يكون معه ذلك ، والتبييت هو المسمى في عرفنا بالكبسية وما الظن إلا أن حرمة قتل النساء والصبيان إجماع ، وقيل : المراد استرقاق النساء والصبيان . قال القاضي : أراد به تجويز سبيهم واسترقاقهم كما لو أتوا أهلها نهارا وحاربوهم جهارا ، أو أن من قتل منهم في ظلمة الليل اتفاقا من غير قصد وتوجه إلى قتله فهدر لا حرج في قتله ; لأنهم ; أيضا كفار ، وإنما يجب التحرز عن قتلهم حيث يتيسر ، ولذلك لو تترسوا بنسائهم وذراريهم لم يبال بهم . قال ابن الهمام : ولا بأس برميهم وإن كان فيهم أسير مسلم ، أو تاجر ، بل ولو تترسوا بأسارى المسلمين وصبيانهم ، سواء علموا أنهم كفوا عن رميهم انهزم المسلمون ، أو لم يعلم ذلك إلا أنه لا يقصد رميهم في صورة التترس ، إلا إذا كان في الكف عن رميهم في هذه الحالة انهزام المسلمين ، وهو قول الحسن بن زياد ، فإن رموا وأصيب أحد من المسلمين ، فعند الحسن بن زياد فيه الدية والكفارة ، وعند الشافعي فيه الكفارة قولا واحدا ، وفي الدية قولان . والأدلة مبسوطة في شرحه . قال محمد : إذا فتح الإمام بلدة ، ومعلوم أن فيها مسلما ، أو ذميا لا يحل قتل أحد منهم لاحتمال كونه ذلك المسلم ، أو الذمي ، إلا أنه قال : ولو أخرج واحد من عرض الناس حل إذا قتل الباقي لجواز كون المخرج هو ذاك ، فصار في كون المسلم في الباقين شك بخلاف الحالة الأولى فإن كون المسلم أو الذمي فيهم معلوم باليقين . وقال النووي : أما شيوخ الكفار فإن كان فيهم رأي قتلوا ، وإلا ففيهم وفي الرهبان خلاف . قال مالك وأبو حنيفة : لا يقتلون ، والأصح في مذهب الشافعي قتلهم ، وفيه أن أولاد الكفار حكمهم في الدنيا كحكم آبائهم ، وأما في الآخرة ففيهم إذا ماتوا قبل البلوغ ثلاث مذاهب . الصحيح أنهم في الجنة ، والثاني في النار ، والثالث لا يجزم عليهم بشيء . ( وفي رواية : هم من آبائهم . متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية