4114 - ( وعن جابر - رضي الله تعالى عنه - قال : غزوت جيش الخبط ) ؟ بفتح الخاء المعجمة والموحدة ، وفي نسخة بسكونها فقيل بالتحريك ورق الشجر ، وبالسكون هش ورقها بالعصا ، وسموا جيش الخبط ؛ لأنهم أكلوه من الجوع حتى قرحت أشداقهم بسبب حرارة ذلك الورق ، فصارت شفاههم كشفاه الإبل ، وقد ضمن الغزو معنى الصحبة أي : صحبت جيشه وغزوت معهم . وقال الطيبي : جيش الخبط منصوب على نزع الخافض أي : غزوت مصاحبا لجيش الخبط . قلت : هذا هو أحد نوعي التضمين ، ولا يحتاج إلى إيراد الباء حينئذ إلا للتقوية ، وليست بضرورية في تصحيح الكلام . ( وأمر ) : بصيغة المفعول من التأمير أي : وجعل أميرا ( علينا nindex.php?page=showalam&ids=5أبو عبيدة ) أي : ابن الجراح أحد العشرة المبشرة ( فجعنا جوعا شديدا ) أي : وأكلنا الخبط ( فألقى البحر ) [ ص: 2667 ] أي : إلى الساحل ( حوتا ميتا لم نر مثله يقال له : العنبر ) : في القاموس : من الطيب روث دابة بحرية أو نبع عين فيه ويؤنث ، وسمكة بحرية والترس من جلدها ، ( فأكلنا منه نصف شهر ) : وفي رواية : قمنا عليه شهرا ، وفي أخرى فأكل منه الجيش ثمانية عشر يوما ، ووجه الجمع أن من روى شهرا هو الأصل ، لأن معه زيادة علم ، ومن روى دونه لم ينف الزيادة ولو نفاها قدم المثبت ، وقد ثبت عند الأصوليين أن مفهوم العدد لا حكم له ، فلا يلزم نفي الزيادة لو لم يعارضه إثبات الزيادة ، فكيف وقد عارضه ؟ فوجب قبول الزيادة . ذكره النووي - رحمه الله تعالى - والأظهر في وجه الجمع أن نصف الشهر كان لكلهم ، وإلى آخر الشهر كان لبعضهم ، أو نصفه في الإقامة ونصفه الآخر في السفر ، أو نصف شهر في الذهاب ونصفه في الإياب ، والله أعلم بالصواب . ( فأخذ أبو عبيدة عظما من عظامه ) أي : أوقفه ( فمر الراكب تحته ) أي : بحيث لم يصل رأسه إلى منتهى عظمه ( فلما قدمنا ) أي : المدينة ( ذكرنا للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : كلوا ) : قال الطيبي : كأنه - صلى الله عليه وسلم - استحضر تلك الحالة واستحمدهم عليها ، فأمرهم بالأكل ومن ثم صرح بقوله : ( رزقا ) : ووصفه بقوله ( أخرجه الله ) : وعقبه بقوله : ( أطعمونا ) اهـ وفي نسخة صحيحة : أخرجه الله إليكم ، ( وأطعمونا ) أي : منه ( إن كان معكم ) أي : شيء منه .
( قال ) أي : جابر ( فأرسلنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه ) أي : بعضه أو شيئا منه ( فأكله ) : وإنما طلبه لئلا يتوهم جواز أكلهم إياه للضرورة وأكله تبركا به حيث كان رزقا لدنيا لأصحابه - رضي الله عنهم - مع كونه من عجائب المخلوقات . قال النووي : إنما طلب - صلى الله عليه وسلم - منه تطييبا لقلوبهم ومبالغة في حله ، وليعلم أنه لا شك في إباحته ، أو قصد استحباب المفتي أن يتعاطى بعض المباحات التي يشك فيها المستفتي إذا لم يكن فيه مشقة على المفتي ، وكان فيه طمأنينة للمستفتي اهـ . والظاهر أن المراد من قوله : ذكرنا للنبي - صلى الله عليه وسلم - هو أنهم ذكروا له ما وقع لهم من الجوع والمشقة ، وما حصل لهم من الرزق على الكيفية المستغربة ، لا أنهم شكوا في حليته ، كيف وقد أجمعوا على أكله وحمله إلى البلد مع أن الحال حال الاضطرار ، وقد أحلت الميتة فضلا عن غيرها . ( متفق عليه ) .