صفحة جزء
4188 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرن الرجل بين التمرتين حتى يستأذن أصحابه " . متفق عليه .


4188 - ( وعن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرن ) : بضم الراء وفي نسخة بكسرها ، ففي المصباح : قرن من باب نصر ، وفي لغة من باب ضرب . وفي القاموس : قرن بين الحج والعمرة قرنا جمع كأقرن في لغة ، والقران ككتاب الجمع بين التمرتين في الأكل أي : يجمع ( الرجل بين التمرتين ) : أي : بأن يأكلهما دفعة ( حتى يستأذن ) : أي الرجل ( أصحابه ) : أي رفقاءه أو أصحاب الطعام . قال بعض علمائنا : هذا إذا أضافهم أحد ، فإن خلطوا طعامهم وأكلوا معا يجوز أم لا ؟ قال الأئمة : يجوز ، لكن لا يجوز أن يقصد الرجل منهم لقمة من لقمة صاحبه ، فإن اتفق أكل أحدهم أكثر بلا قصد جاز اهـ . وقيل : هذا إذا كان زمان قحط ، أو كان الطعام قليلا والآكلون كثيرا ، فإنه إذ ذاك يحتاج إلى الاستئذان . قال السيوطي : في الحديث نهي عن القران ، وسببه أنهم كانوا في ضيق من العيش ثم نسخ لما حصلت التوسعة لخبر : " كنت نهيتكم عن القران في التمر وإن الله وسع عليكم فقارنوا " أي : إن شئتم . في شرح السنة : فيه دليل على جواز المناهدة ، وهي أن يخرجوا نفقاتهم على قدر عدد الرفقة ، وكان المسلمون لا يروا بها بأسا وإن تفاوتوا في الأكل عادة إذا لم يقصد مغالبة صاحبه .

وقال الخطابي : إنما جاء النهي عن القران لعلة معلومة وهي ما كان القوم فيه من شدة العيش وضيق الطعام ، وأما اليوم مع اتساع الحال فلا حاجة إلى الإذن . قال النووي رحمه الله : وليس كما قال الخطابي ، بل الصواب التفصيل ، كما سنذكره ؛ لأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لو ثبت ، فكيف وهو غير ثابت ، وذلك أن الطعام إذا كان مشتركا بينهم ، فالإقران حرام إلا برضاهم إما تصريحا منهم أو ظنا قويا منه ، وإن شك فيه فهو حرام ، وإن كان الطعام لنفسه وقد ضيفهم به فلا يحرم عليه القران ، ثم إن كان في الطعام قلة فلا يحسن القران ، بل يساويهم وإن كان كثيرا ، بحيث يفضل عنهم فلا بأس به ، لكن الأدب مطلقا التأديب في الأكل وترك الشره إلا أن يكون مستعجلا كما سبق ، وفيه أن الخطابي بنى كلامه على حسن الظن بالمؤمنين وعلى الاتساع الأغلبي ، فما خرج عن حيز الصواب إلى صوب الخطأ ، مع أن الخطابي ثبت من أئمة النقل ، ويؤيده نقل السيوطي مع تصريح الحديث عليه ، والقاعدة أن المثبت مقدم على النافي ، فتأمل وأنصف إن كنت لست من أهل التقليد وتريد طريق التحقيق والتأييد ( متفق عليه ) : وفي الجامع الصغير بلفظ : " نهى عن الإقران إلا أن يستأذن الرجل أخاه " . رواه أحمد والشيخان وأبو داود عنه ، نهى أن يلقي النواة على الطبق الذي يؤكل منه الرطب والتمر . رواه الشيرازي بسند ضعيف عن علي - رضي الله عنه - .

التالي السابق


الخدمات العلمية