صفحة جزء
4271 - وعن أم سلمة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " . متفق عليه .

وفي رواية لمسلم : " إن الذي يأكل ويشرب في آنية الفضة والذهب " .


4271 - ( وعن أم سلمة - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " الذي يشرب في آنية الفضة ) : وزنها أفعلة جمع إناء ( إنما يجرجر ) : بكسر الجيم الثانية أي يحرك ذلك الشرب ( في بطنه نار جهنم ) : بالنصب وفي نسخة بالرفع . قال الأكمل : معناه يردد من جرجر الفحل إذا ردد صوته في حنجرته ، و " نارا " منصوب على ما هو المحفوظ من الثقات اهـ . ومن روى برفع نار فسر يجرجر بيصوت ، وقيل : إنه خبر إن ، [ ص: 2749 ] و " ما " موصولة وفيه : أن كتابتها موصولة تأتي كونها موصولة . قال ابن الملك : وإنما جعل المشروب فيه نارا مبالغة ; لكونه سببا لها كما في : إنما يأكلون في بطونهم نارا ، قال النووي : اختلفوا في نار جهنم أمنصوب أم مرفوع ؟ والصحيح المشهور النصب ، ورجحه الزجاج والخطابي والأكثرون ، ويؤيده الرواية الثالثة " نارا من جهنم " ، وروينا في مسند الإسفراييني من رواية عائشة - رضي الله تعالى عنها : " في جوفه نار " من غير ذكر جهنم . وفي الفائق : الأكثر النصب ، فالشارب هو الفاعل ، والنار مفعوله . يقال : جرجر فلان الماء إذا جرعه جرعا متواترا له صوت ، فالمعنى كأنما يجرع نار جهنم ، وأما الرفع فمجاز ; لأن جهنم على الحقيقة لا يجرجر في جوفه ، والجرجرة صوت البعير عند الضجر ، ولكنه جعل صوت جرع الإنسان للماء في هذه الأواني المخصوصة لوقوع النهي عنها ، واستحقاق العقاب على استعمالها كجرجرة نار جهنم في بطنه من طريق المجاز ، وقد ذكر يجرجر بالياء ليفصل بينه وبين نار . ( متفق عليه ، وفي رواية لمسلم : إن الذي ) : أي بزيادة إن قبل الموصول ( يأكل ويشرب في آنية الفضة والذهب ) : أي إنما يجرجر في بطنه نار جهنم . زاد الطبراني : " إلا أن يتوب " ، ولعل الاقتصار في الحديث الأول على الشرب والفضة للدلالة على أن الأكل والذهب ممنوعان لطريق الأولى .

قال النووي : أجمعوا على تحريم الأكل والشرب في إناء الذهب والفضة على الرجل والمرأة ، ولم يخالف في ذلك أحد إلا ما حكاه أصحابنا العراقيون أن للشافعي قولا قديما : أنه يكره ولا يحرم ، وحكي عن داود الظاهري تحريم الشرب وجواز الأكل وسائر وجوه الاستعمال ، وهما باطلان بالنصوص والإجماع ، فيحرم استعمالهما في الأكل والشرب والطهارة والأكل بالملعقة من أحدهما ، والتجمر بمجمرته ، والبول في الإناء وسائر استعمالهما ، سواء كان صغيرا أو كبيرا ، قالوا : وإن ابتلي بطعام فيهما فليخرجهما إلى إناء آخر من غيرهما ، وإن ابتلي بالدهن في قارورة فضة فليضمه في يده اليسرى ، ثم يصبه في اليمنى ويستعمله ، ويحرم تزيين البيوت والحوانيت وغيرهما بأوانيهما . وقال الشافعي والأصحاب : ولو توضأ أو اغتسل من إناء ذهب أو فضة عصى بالفعل وصح وضوءه وغسله ، وكذا لو أكل أو شرب منه يعصي ولا يكون المأكول والمشروب حراما ، وأما إذا اضطر إليهما فله استعماله ، كما يباح له الميتة وبيعهما صحيح ، لأن ذلك عين طاهرة يمكن الانتفاع بها بعد الكسر .

التالي السابق


الخدمات العلمية