وحاصله أن رعاية الأسباب بالتداوي لا تنافي التوكل ، كما لا ينافيه دفع الجوع بالأكل وقمع العطش بالشرب ، ومن ثم قال المحاسبي : يتداوى المتوكل اقتداء بسيد المتوكلين ، وأجاب عن خبر : من استرقى أو اكتوى برئ من التوكل ، كما سيأتي أي : من توكل المتوكلين - السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب - فجعل بعض التوكل أفضل من بعض ، وفيه أنه ينافيه ما قيل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله تعالى مقتضيات بمسبباتها قدرا وشرعا ، فتعطيلها يقدح في التوكل ، والحاصل أن مرتبة الجمع أولى من مرتبة التوحيد الصرف ، فالأحسن في تأويل الحديث ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : أنه برئ من التوكل إن استرقى بمكروه أو علم شفاءه بوجود نحو الكي ، وغفل عن أن الشفاء من عنده تعالى ، وأما من فعله على وفق الشرع ناظر الرب الدواء متوقعا من عنده الشفاء قاصدا صحة بدنه للقيام بطاعة ربه ، فتوكله باق بحاله استدلالا بفعل سيد المتوكلين إذ عمل بذلك في نفسه وغيره ، هذا وإن أردت الاستيفاء ، فعليك بكتاب الإحياء .