4532 - ( عن أسامة بن شريك ) : صحابي ( رضي الله عنه ، قال : قالوا ) : أي : بعض الصحابة ( يا رسول الله ! أفنتداوى ؟ ) : أي : أنترك ترك المعالجة فنطلب الدواء إذا عرض الداء ، ونتوكل على خالق الأرض والسماء ؟ والاستفهام للتقرير ، وهو الملائم لرواية الراوي . أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( نعم ) : وأما قول الطيبي : الفاء عطف على مقدر تستدعيه الهمزة يعني : أنعتبر الطب فنتداوى أو نتوكل على الله ونترك التداوي ؟ فلا خفاء أنه لا يلائمه الجواب بقوله : نعم ، وأيضا جعل التوكل من قسم ترك التداوي غير صحيح في المعنى . ( يا عباد الله ) : إشارة إلى أن التداوي لا ينافي العبودية ، ولا يدع التوكل على صاحب الربوبية ، ولذا قال في الحديث : " اعقل وتوكل " .
( تداووا ) : تأكيدا لما فهم من قوله : " نعم " ، والمعنى تداووا ولا تعتمدوا في الشفاء على التداوي ، بل كونوا عباد الله متوكلين عليه ، ومفوضين الأمور إليه ، وكذا توطئة لقوله : ( فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء ، غير داء واحد ، الهرم ) : بفتح الهاء والراء وهو بالجر على أنه بدل من داء ، وقيل خبر مبتدأ محذوف هو هو ، أو منصوب بتقدير أعني ، والمراد به الكبر ، وجعله داء تشبيها له ، فإن الموت يعقبه كالأدواء ذكره الطيبي ، والأظهر أنه منبع الأدواء ، ولهذا قال شيخ كبير لأحد من الأطباء : سمعي ضعيف ، فقال : من الكبر . قال في بصري غشيان ، فقال : من الكبر ، فقال : ليس لي قوة على المشي وعلى البطش ، ولي انكسار في الظهر ، ووجع في الجنب وأمثال ذلك . فقال في كل منها : إنه من الكبر ، فساء خلقه ، فقال : ما أجهلك كله من الكبر ، فقال : هذا أيضا من الكبر ، وقد قالوا : من ابتلي بالكبر فقد ابتلي بألف داء .