صفحة جزء
440 - وعن معاذة رضي الله عنها ، قالت : قالت عائشة : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد بيني وبينه ، فيبادرني ، حتى أقول : دع لي دع لي . قالت : وهما جنبان . متفق عليه .


440 - ( وعن معاذة ) : هي بنت عبد الله العدوي ، روت عن عائشة رضي الله تعالى عنها قاله الطيبي ، وقال المصنف : وروى عنها قتادة وغيره ، ماتت سنة ثلاث وثلاثين ( قالت : قالت عائشة : كنت أغتسل أنا ورسول الله ) : بالرفع على العطف ، وينصب على المفعول معه صلى الله عليه وسلم قال الطيبي : إبراز الضمير ليصح العطف . فإن قلت : كيف يصح العطف ولا يقال : اغتسل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ؟ أجيب : بأنه على تغليب المتكلم على الغالب كما غلب المخاطب على الغائب في قوله تعالى : اسكن أنت وزوجك الجنة فإن قيل : النكتة هناك أن آدم صلى الله عليه وسلم أصل في سكنى الجنة : قلنا : لا يزال النساء محال الشهوات وحاملات للاغتسال فكن أصلا ( من إناء واحد بيني وبينه ) : أي : موضوع . قال الطيبي : أي ووضع الإناء بيني وبينه ، وهو واسع الرأس ، فنجعل أيدينا فيه ونأخذ الماء للاغتسال به . ( فيبادرني ) : أي : يسبقني لأخذ الماء . قال الأشرف : ليس المعنى أنه يبادرني ويغتسل ببعضه ويترك لي الباقي فأغتسل منه ; لأنه صلى الله عليه وسلم نهى أن تغتسل المرأة بفضل الماء . وقال : فليغترفا جميعا ، كما سيأتي في آخر باب مخالطة الجنب ، بل المعنى أنهما اغتسلا فيه معا ( حتى أقول : دع لي دع لي ) : أي : اترك لي ما أكمل

[ ص: 428 ] غسلي ، والتكرار للتأكيد أو التعديد ( قالت ) : أي : معاذة ، وقيل : عائشة ( وهما ) : أي : النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها ( جنبان ) : قال ابن الملك : وهذا يدل على أن الماء الذي يدخل فيه الجنب يده طاهر مطهر سواء فيه الرجل والمرأة . قال الطيبي : فيه دليل على أن غمس الجنب يده في الماء لا يخرجه عن الطهورية ا هـ .

وفيه أنه من أين علم الغمس قبل غسل اليد ؟ وعلى تسليمه يحمل على قصد الاغتراف . قال ابن الهمام : قال علماؤنا جميعا : لو أدخل المحدث أو الجنب أو الحائض التي طهرت اليد في الإناء للاغتراف لا يصير مستعملا للحاجة ، واستدل بهذا الحديث ثم قال : بخلاف ما لو أدخل المحدث رجله أو رأسه حيث يفسد الماء لعدم الضرورة ( متفق عليه ) قال السيد جمال الدين : فيه نظر ; لأن البخاري لم يقل : فيبادرني حتى أقول : دع لي دع لي ، وإنما هو من إفراد مسلم . وقال ابن حجر : وفي رواية لمسلم عنها : كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء يسع ثلاثة أمداد أو قريبا من ذلك اهـ .

وهذا يؤيد رواية : أنه توضأ بنصف مد أو بثلثي مد ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية