صفحة جزء
4638 - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : استأذن رهط من اليهود على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : السام عليكم . فقلت : بل عليكم السام واللعنة فقال : " يا عائشة ! إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله " . قلت : أولم تسمع ما قالوا " قال : " قد قلت : وعليكم " . وفي رواية : " عليكم " ولم يذكر الواو . متفق عليه .

- وفي رواية للبخاري . قالت : إن اليهود أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : السام عليك قال : " وعليكم " فقالت عائشة : السام عليكم ، ولعنكم الله ، وغضب عليكم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مهلا يا عائشة ! عليك بالرفق ، وإياك والعنف والفحش " . قالت : أولم تسمع ما قالوا ؟ قال : " أولم تسمعي ما قلت ، رددت عليهم ، فيستجاب لي فيهم ، ولا يستجاب لهم في " .

- وفي رواية لمسلم قال : " لا تكوني فاحشة ، فإن الله لا يحب الفحش والتفحش " .


4638 - ( وعن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : استأذن رهط ) أي : قوم ( من اليهود على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : السام عليكم ) أي : وقال وعليكم لما سيأتي ( فقلت : ، بل عليكم السام ) أي : مفهوم ما تريدون من هذا اللفظ وتحرفونه لفساد المعنى ( واللعنة ) أي : زيادة عن ذلك ( فقال : يا عائشة ! إن الله رفيق ) ، أي : رحيم ( يحب الرفق ) أي : لين الجانب ، وأصل الرفق ضد العنف ( في الأمر كله ) أي : مهما أمكن في جميع الأمور ، وإلا فقد قال تعالى : واغلظ عليهم ، ( قلت : أولم تسمع ) أي : ألم ينكشف لك ولم تسمع ( ما قالوا ) أي : حين السلام عليك حيث أبدلوا السلام بالسام . ( قال : قد قلت : وعليكم ) أي : فقها لهذا المعنى ، والظاهر أن الواو لاستئناف المبني ( وفي رواية ) أي : عنها ، وإلا ففي روايات أخر أيضا ورد ( عليكم ولم يذكر الواو ) أي : بدون الواو ، وحاصله أنه - صلى الله عليه وسلم - عمل بمقتضى العدل فقال : عليكم أو وعليكم لقوله تعالى : وجزاء سيئة سيئة مثلها ، وأما عائشة - رضي الله تعالى عنها - فقد زادت في المعنى ، وتعدت عن المبني ، وتركت طريق اللطف ، واختارت سبيل العنف ، ولذا أرشدها - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفق المبني عليه باب المداراة وترك المعاداة والمعاناة كما قيل : ودارهم ما دمت في دارهم وأرضهم ما دمت في أرضهم . لكن الفرق بين المداراة والمداهنة مما خفي على كثير من الناس ، فسنبينه في محله اللائق به إن شاء الله سبحانه ، ثم في الحديث إشارة إلى ما في التنزيل : " وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير " ( متفق عليه ) .

( وفي رواية للبخاري ) أي : عنها ( قالت : إن اليهود أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : السام عليك . قال : وعليكم ، قالت عائشة : السام عليكم ، ولعنكم الله ، وغضب عليكم ) : الظاهر أن القصة متحدة ، وأن الاقتصار على ذكر اللعنة في الحديث السابق إما من الراوي وهو الأظهر لما في الحديث من الزيادات الأخر ، أو هو من باب الاكتفاء حيث مؤداهما واحد . ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلا ) : مصدر لفعل محذوف أي : ارفقي رفقا ( يا عائشة ) . يحتمل أن يكون من متممات السابق ، وأن يكون من مقدمات اللاحق ، وهو قوله : ( عليك ) : بكسر الكاف ( بالرفق ) : بكسر الراء ، أي : بلين الجانب في القول والفعل والأخذ بالأسهل على ما ذكره السيوطي ( وإياك والعنف ) : بضم أوله ، وهو ضد الرفق ( والفحش ) : بضم أوله ، وهو في الأصل كل ما يشتد قبحه من الذنوب ، والمراد به هاهنا التعدي بزيادة القبح في القول والجواب ( قالت : أولم تسمع ما قالوا ؟ قال : أولم تسمعي ما قلت ، رددت عليهم ، فيستجاب لي فيهم ، ولا يستجاب لهم ) أي : إذا أرادوا بالسام الأمر المكروه المعبر عنه بالسام الذي معناه الموت ( في ) أي : في حقي .

( وفي رواية لمسلم . قال : لا تكوني فاحشة ) أي : قائلة للفحش ومتكلمة بكلام قبيح ( فإن الله لا يحب الفحش ) : وقد مر معناه ( والتفحش ) أي : التكلف في التلفظ بالفحش والتعمد فيه ، وإنما قال ذلك - صلى الله عليه وسلم - لها لقولها " واللعنة " أو " لعنكم الله " ، وفي هذا الحديث دلالة صريحة على جواز نقل الحديث بالمعنى ، إذ لا خلاف أنه مع كون القضية واحدة مختلف المبنى .

[ ص: 2942 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية