صفحة جزء
4736 - وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعطس رجل عنده ، فقال له : " يرحمك الله " ثم عطس أخرى ، فقال : " الرجل مزكوم " . رواه مسلم ، وفي رواية للترمذي أنه قال له في الثالثة : " إنه مزكوم " .


4736 - ( وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعطس رجل عنده ) : الجملة حال من مفعول سمع ( فقال له : يرحمك الله ) : قال الطيبي : الظاهر أن يقال : يقول له ؛ لأنه حال من النبي - صلى الله عليه وسلم - . الكشاف في قوله تعالي : إننا سمعنا مناديا ينادي ، تقول : سمعت زيدا يتكلم ، فتوقع الفعل عليه وتحذف المسموع وتجعله حالا منه ، فأغناك عن ذكره ، فإذا مقتضى الكلام أن يقال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - شمته فقال : فلا إشكال حينئذ . ( ثم عطس أخرى ) أي : مرة أخرى ( فقال ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( الرجل مزكوم ) أي : مريض ، فربما يكثر تعطسه وحمده ، وفي الجواب كل مرة حرج لا سيما مع عدم تجويز التداخل في المجلس ، ويؤيده ما ذكرته ما سيأتي في الحديث مرفوعا " فما زاد أي : على ثلاث مرات ، فإن شئت فشمته ، وإن شئت فلا " ؛ حيث صرح بالتخيير ، فقول النووي : يستحب أن يدعى له ، لكن غير دعائه للعاطس وقع في غير محله ، إذ حاصل الحديث أن التشميت واجب أو سنة مؤكدة على الخلاف في ثلاث مرات ، وما زاد فهو مخير بين السكوت وهو رخصة ، وبين التشميت وهو مستحب والله أعلم . ( رواه مسلم وفي رواية للترمذي أنه ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( قال له في الثالثة ) أي : في المرة الثالثة ، وفي نسخة في الثالث ، أي : في العطاس الثالث ( إنه ) أي : الرجل ( مزكوم ) : كذا في جميع نسخ المشكاة ، وقال الطيبي : كذا في نسخ المصابيح ، وفي جامع الأصول عن الترمذي : أنت مزكوم . قال النووي : يعني أنت لست ممن يشمت بعد هذا ؛ لأن هذا الذي بك مرض ، ويوافقه في التثليث ما رواه أبو داود ، عن أبي هريرة مرفوعا " إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه فإن زاد على ثلاث فهو مزكوم " ولا يشمت بعد ثلاث أي : لا يجب تشميته بعد ثلاث ؛ لأنه غير جائز لما سبق .

[ ص: 2988 ] وفي شرح مسلم للنووي فإن قيل : إذا كان مريضا فكان ينبغي أن يدعى له ؛ لأنه أحق بالدعاء من غيره ، فالجواب أنه يستحب أن يدعى له ، لكن غير دعائه للعاطس ، بل دعاء المسلم للمسلم بالعافية والسلامة ، ونحو ذلك . ولا يكون من باب التشميت . قلت : بل إنما قال ذلك ليعرف أن التشميت متى يجب ومتى لم يجب ، فلو دعا له بالعافية والسلامة ونحوهما ، ربما يتوهم أن في المرة الثانية أو الثالثة يدعى له بالسلامة ونحوها ، فيدخل تحت الوجوب ، وأما الدعاء بالصحة فمن المستحبات المعلومة ، مع أن الزكام محمود يخرج كثيرا من الأسقام .

التالي السابق


الخدمات العلمية