4758 - ( وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن بنتا كانت لعمر يقال لها : عاصية ) : ولعلها سميت بها في الجاهلية ، ويمكن أن لا يكون من العصيان ، بل من العيص وهو بالكسر الشجر الكثيف الملتف ، ويطلق على المنبث ، ومنه عيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام ، وكأنه لما أبدلت الياء ألفا فتحت العين ، ومنه العاص وأبو العاص ، والحاصل أنها مؤنث العاص لا تأنيث العاصي ، لكن لما كان يتبادر منه هذا المعنى غيرها ( فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميلة ) . ولعله لم يسمها مطيعة مع أنها ضد العاصية مخافة التزكية والله أعلم .
ثم رأيت التوربشتي قال : وإنما كان ذلك منه في الجاهلية ، فإنهم كانوا يسمون بالعاص والعاصية ذهابا إلى معنى الإباء عن قبول النقائص والرضا بالضيم ، فلما جاء الله بالإسلام كره له ذلك ، وقال الطيبي : كان من الظاهر أن يسمي بما يقابل اسمها ، والمقابل برة وهو أيضا غير جائز للعلتين السابقتين ، ولذلك عدل إلى جميلة وهي مقابلة لها من حيث المعنى ؛ لأن الجميل لا يصدر منه إلا الجميل والبر . قلت : لا يلزم من التحويل المقابلة ألبتة فلا يحتاج إلى مراعاتها ، مع أن المقابل للعاصية إنما هو المطيعة على ما قدمناه ، فالظاهر أن الجميلة هنا بمعنى الحسنة ، لا بمعنى الآتية بالجمال ، فإنها ترجع إلى معنى التزكية والله أعلم ، قال النووي : وفيه استحباب تغيير الاسم القبيح ، كما يستحب تغيير الأسامي المكروهة إلى حسن ( رواه مسلم ) .