من الطهارة والنجاسة وغيرهما ، وجمع الماء على المياه ، دل على أن همزته منقلبة عن هاء ، وأصل المياه مواه لدلالة جمعه الآخر على الأمواه ، وتصغير الماء على مويه فقلبت الواو ياء ; لانكسار ما قبلها .
الفصل الأول
474 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( " لا يبولن " ) : بالتشديد للتأكيد ( " أحدكم " ) أي : أيها الأمة ( في الماء الدائم ) : أي : الراكد الساكن من دام الشيء سكن ومكث ( " الذي لا يجري " : صفة ثابتة مؤكدة للأولى ، أو صفة كاشفة لها ، وقيل : الذي لا يجري بشيء من تبنة وغيرها ، وفي معنى الجاري الماء الكثير ، وهو العشر في العشر عندنا ، ومقدار قلتين عند من يقول به . ( " ثم يغتسل فيه " ) : الرواية بالرفع ; أي : لا يبل ثم هو يغتسل فيه ، فيغتسل خبر لمبتدأ محذوف عطف الجملة على جملة لا يبولن ، وذكر ابن مالك النحوي أنه يجوز أيضا جزمه عطفا على موضع لا يبولن ، ونصبه بإضمار أن ، وإعطاء ثم حكم واو الجمع ، أما الجزم فظاهر ، وأما النصب فلا يجوز ; لأنه يقتضي أن المنهي عنه الجمع بينهما دون إفراد أحدهما ، وهذا لم يقله أحد ، بل البول فيه منهي ، سواء أراد الاغتسال فيه أو منه أم لا . كذا نقله السيد عن التخريج . قيل : فيه نظر ; لجواز أن يكون مثل قوله تعالى : ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق والواو للجمع ، والمنهي هنا الجمع والإفراد ، بخلاف قولهم : لا تأكل السمك وتشرب اللبن . قاله ميرك . وفيه : أنه لما احتمل احتمالين لا يحمل عليه لفساد المعنى إلا باعتبار أحد الاحتمالين ، مع أن التحقيق أن النصب إنما يفيد منع إفراد أحدهما فيؤخذ من الخارج .
وقال البيضاوي : ثم يغتسل عطف على الصلة ، وترتيب الحكم على ذلك يدل على أن الموجب للمنع أنه يتنجس ، فلا يجوز الاغتسال به ، وتخصيصه بالدائم يفهم منه أن الجاري لا يتنجس إلا بالتغير . قال ابن حجر : وفيه نظر إذ عطف يغتسل على يجري بعيد جدا إذ يصير تقديره : نهى عن البول في الماء الذي لا يجري ، ثم يغتسل فيه ، وهذا فيه ركة في المعنى وإبهام خلاف المراد ; لأنه لا يصير النهي على حقيقته من الحرمة ; إذ المنهي عنه حينئذ الغسل بعد البول لا البول من غير غسل ، وهو خلاف ما حمله عليه الأئمة ، ويلزمه فرض ذلك في ماء قليل راكد ، إذ هو المتأثر بالبول فيه وإن لم يتغير ، والأظهر عنه على ما مر ، وثم بحالها ، فيكون المنهي عنه شيئين : البول فيه مطلقا ، والغسل فيه مطلقا ، وكل من هذين جاء النهي عنه صريحا في مسلم كما يأتي ، والنهي عن كل منهما تارة يكون للتنزيه ، وتارة يكون للتحريم اهـ .
قيل : الظاهر أنه عطف على يبولن ، ويكون ثم مثل الواو في : لا تأكل السمك وتشرب اللبن ، أو مثل الفاء في قوله تعالى : ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي أي : ولا يكن من أحد البول في الماء الموصوف ، ثم الاغتسال ، فثم استبعادية ، أي : بعيد من العاقل ذلك أي : الجمع بين هذين الأمرين .
فإن قلت : علام تعتمد في نصب يغتسل حتى يتمشى لك هذا المعنى ؟ قلت : إذا قوي المعنى لا يضر الرفع لأنه من باب : أحضر الوغى . كذا ذكره الطيبي ، وقد سبق نقل المغني فاستحضره ، فإن الطالب به يستغني . ( متفق عليه ) .
[ ص: 447 ] ( وفي رواية لمسلم ) : أي : له روايتان : أحدهما متفق عليها ، وثانيهما هذه قاله الطيبي . ( قال : " لا يغتسل " ) : بالجزم ، وقيل : بالرفع ( " أحدكم في الماء الدائم وهو جنب " ) : هذا النهي إنما يكون في الماء القليل ; لأنه يصير مستعملا باغتسال الجنب ، فحينئذ قد أفسد الماء على الناس ; لأنه لا يصلح للاغتسال والتوضؤ منه بعد ذلك ، كذا ذكره ابن الملك . وقال القاضي : تقييد النهي بالحال يدل على أن المستعمل في غسل الجنابة إذا كان راكدا لا يبقى على ما كان ، وإلا لم يكن للنهي المقيد فائدة ، وذلك إما بزوال الطهارة كما قال أبو حنيفة ، أو بزوال الطهورية كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي اهـ . وكذا هو قول محمد ، وعليه الفتوى ، يعني أن الحديث حجة على مالك ، لكن حجته تأتي في الحديث الآتي ( قالوا : كيف يفعل ) : أي : الجنب ( يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ؟ قال : يتناوله تناولا ) : أي : يأخذه اغترافا ويغتسل خارجا . قال في شرح السنة : فيه دليل على أن الجنب إن أدخل يده فيه ليتناول الماء لم يتغير حكمه ، وإن أدخل يده فيه ليغسلها من الجنابة تغير حكمه اهـ . وكذا حكمه عندنا ، قال ابن حجر : ويؤخذ من التقييد بالجنب أنه لا يكره الغسل فيه للتنظيف أو للسنة ، كغسل الجمعة . والظاهر أنه غير مراد ; لأن اختلاف العلماء موجود في الأخير ، إذ لنا وجه أن الاستعمال في الغسل غير طهور ; لأن الاستقذار موجود في غسل نحو التنظيف ، فالوجه أن التقييد بالجنب لكونه أغلظ .