وفي شرح السنة : وذلك أن النصارى أفرطوا في مدح عيسى عليه السلام وإطرائه بالباطل ، وجعلوه ولدا لله تعالى ، فمنعهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يطروه بالباطل . قال الطيبي : وفي العدول عن عيسى والمسيح إلى ابن مريم تبعيدا له عن الألوهية ، يعني : بالغوا في المدح والإطراء والكذب بأن جعلوا من جنس النساء الطوامث إلها أو ابنا له . اهـ . ولكون اليهود بالغوا في قدح المسيح والنصارى في مدحه قال تعالى : ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ، فالحق هو الوسط العدل ، كما بينه سبحانه بقوله : إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ، والمعنى أنه عبد الله ورسوله ; لأن كونه ابن مريم يدل على أنه عبده وابن أمته ، كما أشار إليه بقوله : كانا يأكلان الطعام ، أي : يبولان ويغوطان ، ويحتاجان إلى الأكل والشرب ، فلا يصلحان للألوهية ولا مناسبة لهما بالربوبية ، وإنما شأنهما العبودية ( فإنما أنا عبده ) أي : الخاص في مقام الاختصاص ، وهو في الحقيقة أفضل مدح عند الفاضل الكامل ، كما قال القائل
: لا تدعني إلا بيا عبدها فإنه أفضل أسمائيا
[ ص: 3072 ] ولذا ذكره الله سبحانه في مواضع من كتابه بهذا الوصف المنيع والفضل البديع ، منها في مقام الإسراء سبحان الذي أسرى بعبده ، ومنها في مقام إنزال الكتاب : تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ، الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ، وفيه إشارة لطيفة وبشارة شريفة أن العناية الربوبية باعتبار غاية العبودية . ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10365465فقولوا عبد الله ورسوله ) أي : لتميزه به عن بقية عبيده ، وفي ذكرهما أيضا إيماء إلى مبدأ حالته ومنتهى غايته ، وكان إياس الخاص أخذ حظ من هذا الاختصاص ، وشرحه يطول ولا يرضى به الملول . ( متفق عليه ) : قال ميرك : رواه البخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في الشمائل ، كذا قاله الشيخ الجزري ، فتأمل في قول المصنف : متفق عليه .