صفحة جزء
باب في سنة الحج

1850 أخبرنا إسمعيل بن أبان حدثنا حاتم بن إسمعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال أبو جعفر دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي فأهوى بيده إلى زري الأعلى وزري الأسفل ثم وضع فمه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب فقال مرحبا بك يا ابن أخي سل عما شئت فسألته وهو أعمى وجاء وقت الصلاة فقام في ساجة ملتحفا بها كلما وضعها على منكبيه رجع طرفها إليه من صغرها ورداؤه إلى جنبه على المشجب فصلى فقلت أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بيده فعقد تسعا فقال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس بالحج في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة [ ص: 68 ] فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع فقال اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب القصواء حتى استوت به ناقته على البيداء فنظرت إلى مد بصري من بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك وخلفه مثل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله فأهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك فأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يزد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا ولبى رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته حتى إذا أتينا البيت معه قال جابر لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فصلى فقرأ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فجعل المقام بينه وبين البيت وكان أبي يقول ولا أعلمه ذكره عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان يقرأ في الركعتين قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما أتى الصفا قرأ إن الصفا والمروة من شعائر الله أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فوحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي قال عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي يعني فرمل حتى إذا صعدنا مشى حتى إذا أتينا المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا حتى إذا كان آخر طواف على المروة [ ص: 69 ] قال إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل ويجعلها عمرة فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا رسول الله ألعامنا هذا أو لأبد أبد فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه في الأخرى فقال دخلت العمرة في الحج هكذا مرتين لا بل لأبد أبد لا بل لأبد أبد وقدم علي ببدن من اليمن للنبي صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة ممن حل ولبست ثياب صبيغ واكتحلت فأنكر علي ذلك عليها فقالت أبي أمرني فكان علي يقول ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرشه على فاطمة في الذي صنعت مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت فأنكرت ذلك عليها فقال صدقت ما فعلت حين فرضت الحج قال قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسولك قال فإن معي الهدي فلا تحلل قال فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة بدنة فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية وجه إلى منى فأهللنا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ثم مكث قليلا حتى إذا طلعت الشمس أمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسار لا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية في المزدلفة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت بنمرة فنزلها حتى إذا زاغت يعني الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال إن دماءكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وأول دم وضع دماؤنا دم ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فإنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح [ ص: 70 ] ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وأنتم مسئولون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بأصبعه السبابة فرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم اشهد اللهم اشهد اللهم اشهد ثم أذن بلال بنداء واحد وإقامة فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر لم يصل بينهما شيئا ثم ركب حتى وقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخيرات وقال إسمعيل إلى الشجيرات وجعل حبل المشاة بين يديه ثم استقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة حتى غاب القرص فأردف أسامة خلفه ثم دفع وقد شنق للقصواء الزمام حتى إنه ليصيب رأسها مورك رحله ويقول بيده اليمنى السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين ثم اضطجع حتى إذا طلع الفجر صلى الفجر بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى وقف على المشعر الحرام واستقبل القبلة فدعا الله وكبره وهلله ووحده حتى أسفر جدا ثم دفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن العباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فلما دفع النبي صلى الله عليه وسلم مر بالظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يده فوضعها على وجه الفضل فحول الفضل رأسه من الشق الآخر فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر حتى إذا أتى محسر حرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرجك إلى الجمرة الكبرى حتى إذا أتى الجمرة التي عندها الشجرة فرمى بسبع حصيات يكبر على كل حصاة من حصى الخذف ثم رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في بدنه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحومها وشربا من مرقها ثم ركب فأفاض إلى البيت فأتى البيت فصلى الظهر بمكة وأتى بني عبد المطلب وهم يستقون على زمزم فقال انزعوا بني عبد المطلب فلولا يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه [ ص: 71 ] دلوا فشرب أخبرنا محمد بن سعيد الأصبهاني أخبرنا حاتم بن إسمعيل عن جعفر عن أبيه عن جابر بهذا

التالي السابق


الخدمات العلمية