" أبو ثعلبة الخشني " بضم الخاء وفتح الشين المعجمة : منسوب إلى بني خشين ، بطن من قضاعة وهو وائل بن نمر بن وبرة بن تغلب - بالغين المعجمة - بن حلوان بن عمران بن إلحاف بن قضاعة ، و " خشين " تصغير أخشن مرخما ، قيل : اسمه جرثوم بن ناشب ، أعني : اسم أبي ثعلبة . وفي الحديث مسائل : الأولى : أنه يدل على أن استعمال أواني أهل الكتاب يتوقف على الغسل ، واختلف الفقهاء في ذلك ، بناء على قاعدة تعارض الأصل والغالب وذكروا [ ص: 670 ] الخلاف فيمن يتدين باستعمال النجاسة من المشركين وأهل الكتاب كذلك ، وإن كان قد فرق بينهم وبين أولئك ; لأنهم يتدينون باستعمال الخمر ، أو يكثرون ملابستها ، فالنصارى : لا يجتنبون النجاسات ، ومنهم من يتدين بملابستها كالرهبان فلا وجه لإخراجهم ممن يتدين باستعمال النجاسات . والحديث جار على مقتضى ترجيح غلبة الظن فإن المستفاد من الغالب راجح على الظن المستفاد من الأصل .
الثانية : فيه دليل على جواز الصيد بالقوس والكلب معا . ولم يتعرض في الحديث للتعليم المشترط ، والفقهاء تكلموا فيه وجعلوا المعلم : ما ينزجر بالانزجار ، وينبعث بالإشلاء . ولهم نظر في غير ذلك من الصفات ، والقاعدة : أن ما رتب عليه الشرع حكما ، ولم يحد فيه حدا : يرجع فيه إلى العرف .
الثالثة : فيه حجة لمن يشترط التسمية على الإرسال ; لأنه وقف الإذن في الأكل على التسمية ، والمعلق بالوصف ينتفي بانتفائه عند القائلين بالمفهوم . وفيه ههنا زيادة على كونه مفهوما مجردا وهو أن الأصل : تحريم أكل الميتة ، وما أخرج الإذن منها إلا ما هو موصوف بكونه مسمى عليه ، فغير المسمى عليه : يبقى على أصل التحريم ، داخلا تحت النص المحرم للميتة .
الرابعة : الحديث يدل على أن المصيد بالكلب المعلم لا يتوقف على الذكاة ; لأنه فرق بينه وبين غير المعلم في إدراك الذكاة ، فإذا قتل الكلب الصيد بظفره أو نابه حل ، وإن قتله بثقله ، ففيه خلاف في مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وقد يؤخذ من إطلاق الحديث : جواز أكله ، وفيه بعض الضعف أعني أخذ الحكم من هذا اللفظ .
الخامسة : شرط عليه السلام في غير المعلم إذا صاد : أن تدرك ذكاة الصيد وهذا الإدراك يتعلق بأمرين :
أحدهما : الزمن الذي يمكن فيه الذبح ، فإن أدركه ولم يذبح فهو ميتة ولو كان ذلك لأجل العجز عما يذبح به : لم يعذر في ذلك .