[ ص: 684 ] 405 - الحديث الأول : عن nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - { في بعض أيامه التي لقي فيها العدو - انتظر ، حتى إذا مالت الشمس قام فيهم ، فقال : أيها الناس ، لا تتمنوا لقاء العدو ، واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب : اهزمهم ، وانصرنا عليهم } .
فيه دليل على استحباب القتال بعد زوال الشمس ، وقد ، ورد فيه حديث أصرح من هذا ، أو أثر عن بعض الصحابة ، ولما كان لقاء الموت من أشق الأشياء وأصعبها على النفوس من وجوه كثيرة ، وكانت الأمور المقدرة عند النفس ليست كالأمور المحققة لها : خشي أن لا تكون عند التحقيق كما ينبغي فكره تمني لقاء العدو لذلك ، ولما فيه - إن وقع - من احتمال المخالفة لما وعد الإنسان من نفسه ثم أمر بالصبر عند وقوع الحقيقة ، وقد ، ورد النهي عن تمني الموت مطلقا لضر نزل ، وفي حديث { لا تتمنوا الموت فإن هول المطلع شديد } ، وفي الجهاد زيادة على مطلق الموت . وقوله عليه السلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=39691، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف } من باب المبالغة ، والمجاز الحسن فإن ظل الشيء لما كان ملازما له ، جعل ثواب الجنة [ ص: 685 ] واستحقاقها عن الجهاد ، وإعمال السيوف : لازما لذلك ، كما يلزم الظل .
وهذا الدعاء : لعله أشار إلى ثلاثة أسباب ، تطلب بها الإجابة :
أحدها : طلب النصر بالكتاب المنزل ، وعليه يدل قوله عليه السلام " منزل الكتاب " كأنه قال : كما أنزلته ، فانصره ، وأعله . وأشار إلى القدرة بقوله " ومجري السحاب " ، وأشار إلى أمرين أحدهما : بقوله " ، وهازم الأحزاب " إلى التفرد بالفعل ، وتجريد التوكل ، واطراح الأسباب ، واعتقاد أن الله ، وحده هو الفاعل .
والثاني : التوسل بالنعمة السابقة إلى النعمة اللاحقة وقد ضمن الشعراء هذا المعنى أشعارهم ، بعدما أشار إليه كتاب الله تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام في قوله { ولم أكن بدعائك رب شقيا } ، وعن إبراهيم عليه السلام في قوله { سأستغفر لك ربي ، إنه كان بي حفيا } وقال الشاعر :
كما أحسن الله فيما مضى كذلك يحسن فيما بقي
، وقال الآخر :
لا والذي قد من بالإسلام يثلج في فؤادي ما كان يختم بالإساءة وهو بالإحسان بادي