" الرباط " مراقبة العدو في الثغور المتاخمة لبلاده ، وفي قوله عليه السلام " خير من الدنيا وما عليها " وجهان :
أحدهما : أن يكون من باب تنزيل المغيب منزلة المحسوس ، تحقيقا له ، وتثبيتا في النفوس فإن ملك الدنيا ، ونعيمها ، ولذاتها محسوسة ، مستعظمة في طباع النفوس فحقق عندها أن ثواب اليوم الواحد في الرباط - وهو من المغيبات - خير من [ ص: 686 ] المحسوسات التي عهدتموها من لذات الدنيا .
والثاني : أنه قد استبعد بعضهم أن يوازن شيء من نعيم الآخرة بالدنيا كلها ، فحمل الحديث أو ما هو معناه : على أن هذا الذي رتب عليه الثواب خير من الدنيا كلها لو أنفقت في طاعة الله تعالى وكأنه قصد بهذا أن تحصل الموازنة بين ثوابين أخرويين ، لاستحقاره الدنيا في مقابلة شيء من الأخرى " ، ولو على سبيل التفضيل ، والأول عندي : أوجه وأظهر . " والغدوة " بفتح الغين : السير في الوقت الذي من أول النهار إلى الزوال و " الروحة " من الزوال إلى الليل واللفظ مشعر بأنها تكون فعلا واحدا ، ولا شك أنه قد يقع على اليسير والكثير من الفعل الواقع في هذين الوقتين ففيه زيادة ترغيب ، وفضل عظيم .