" النعمان بن بشير بفتح الباء وكسر الشين المعجمة ابن سعد بن ثعلبة الأنصاري . ولد قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بثمان - أو ست سنوات . قال أبو عمر : والأول أصح إن شاء الله تعالى . قتل سنة أربع وستين بمرج راهط .
تسوية الصفوف : قد تقدم الكلام عليها . وقوله " أو ليخالفن الله بين وجوهكم " معناه : إن لم تسووا ; لأنه قابل بين التسوية وبينه ، أي الواقع أحد الأمرين : إما التسوية ، أو المخالفة . وكان يظهر لي في قوله " أو ليخالفن الله بين وجوهكم " أنه راجع إلى اختلاف القلوب ، وتغير بعضهم على بعض فإن تقدم إنسان على الشخص ، أو على الجماعة وتخليفه إياهم ، من غير أن يكون مقاما للإمامة بهم : قد يوغر صدورهم . وهو موجب لاختلاف قلوبهم . فعبر عنه بمخالفة وجوههم ; لأن المختلفين في التباعد والتقارب يأخذ كل واحد منهما غير وجه الآخر . فإن شئت بعد ذلك أن تجعل " الوجه " بمعنى " الجهة " وإن شئت أن تجعل " الوجه " معبرا به عن اختلاف المقاصد وتباين النفوس . فإن من تباعد عن غيره وتنافر ، زوى وجهه عنه . فيكون المقصود : التحذير من وقوع التباغض والتنافر . وقال القاضي عياض رحمه الله في قوله " أو ليخالفن الله بين وجوهكم " يحتمل أنه كقوله " أن يحول الله صورته صورة حمار " فيخالف بصفتهم إلى غيرها من المسوخ ، أو يخالف بوجه من لم يقم صفه ويغير صورته عن وجه من أقامه ، أو يخالف باختلاف صورها بالمسخ والتغيير .
وأقول : أما الأول - وهو قوله " فيخالف بصفتهم إلى غيرها من المسوخ " فليس فيه محافظة ظاهرة على مقتضى لفظة " بين " والأليق بهذا المعنى أن يقال : يخالف وجوهكم عن كذا ، إلا أن يراد المخالفة بين وجوه من مسخ ومن لم يمسخ ، فهذا الوجه الثاني ، وأما الوجه الأخير : ففيه محافظة على معنى " بين " إلا أنه ليس فيه محافظة ظاهرة على قوله " وجوهكم " فإن تلك المخالفة بعد المسخ ، [ ص: 221 ] وليست تلك صفة وجوههم عند المخالفة في الفعل ، والأمر في هذا قريب محتمل .
وقوله " القداح " هي خشب السهام حين تبرى وتنحت وتهيأ للرمي . وهي مما يطلب فيها التحرير ، وإلا كان السهم طائشا ، وهي مخالفة لغرض إصابة الغرض . فضرب به المثل لتحرير التسوية لغيره .
وقوله " حتى إذا رأى أن قد عقلنا " يحتمل أن المراد : أنه كان يراعيهم في التسوية ويراقبهم ، إلى أن علم أنهم عقلوا المقصود منه وامتثلوه . فكان ذلك غاية لمراقبتهم ، وتكلف مراعاة إقامتهم .
وقوله " حتى إذا كاد أن يكبر فرأى رجلا باديا صدره . فقال : عباد الله . .. إلخ يستدل به على جواز كلام الإمام فيما بين الإقامة والصلاة لما يعرض من حاجة . وقيل . إن العلماء اختلفوا في كراهة ذلك .