هذا كما قدمناه - يتمسك به في جواز الزيادة على ركعتين في النوافل . وتأوله بعض المالكية بتأويل لا يتبادر إلى الذهن . وهو أن حمل ذلك على أن الجلوس في محل القيام لم يكن إلا في آخر ركعة ، كأن الأربع كانت الصلاة فيها قياما ، والأخيرة كانت جلوسا في محل القيام ، وربما دل لفظه على تأويل أحاديث قدمها - هذا منها - بأن السلام وقع بين كل ركعتين ، وهذا مخالفة للفظ ، فإنه لا يقع السلام بين كل ركعتين إلا بعد الجلوس ، وذلك ينافيه قولها " لا يجلس في شيء إلا في آخرها " وفي هذا نظر . واعلم أن محط النظر . هو الموازنة بين الظاهر . من قوله عليه السلام " صلاة الليل مثنى مثنى " في دلالته على الحصر . وبين دلالة هذا الفعل على الجواز ، والفعل يتطرق إليه الخصوص ، إلا أنه بعيد لا يصار إليه إلا بدليل . فتبقى دلالة الفعل على الجواز معارضة بدلالة اللفظ على الحصر ، ودلالة الفعل على الجواز عندنا أقوى . نعم يبقى نظر آخر ، وهو أن الأحاديث دلت على جواز أعداد مخصوصة . فإذا جمعناها ونظرنا أكثرها ، فما زاد عليه إذا قلنا بجوازه كان قولا [ ص: 322 ] بالجواز مع اقتضاء الدليل منعه من غير معارضة الفعل له . فلقائل أن يقول : يعمل بدليل المنع حيث لا معارض له من الفعل ، إلا أن يصد عن ذلك إجماع ، أو يقوم دليل على أن الأعداد المخصوصة ملغاة عن الاعتبار . ويكون الحكم الذي دل عليه الحديث مطلق الزيادة . فهنا يمكن أمران :
أحدهما : أن نقول مقادير العبادات يغلب عليها التعبد ، فلا يجزم بأن المقصود مطلق الزيادة .
والثاني : أن يقول المانع : المخل : هو الزيادة على مقدار الركعتين . وقد ألغي بهذه الأحاديث . ولا يقوى كثيرا . والله عز وجل أعلم .